الجاهل الكافر
لو أنّ الكافر كان يعرف الحقيقة لَما كان جاهلاً ، ولو أنّ الجاهل لم يُخفِ جهله لَما كان كافرا . فإن أخفى الجاهل جهله فقد اجتمع فيه الجهل والكفر .
وعليه ، فإنّ الجاهل الكافر هو من يبدي رأيه فيما لايعرف .
وعندما نتعرّض بالبحث لموضوع معرفة اللّه تعالى سنوضّح أنّ منكري وجود اللّه عز و جلحتّى لو افترضنا جدلاً أنّهم أتوا بأدلّة صحيحة فإنّهم ما برهنوا في النهاية إلّا على شيءٍ واحدٍ ، هو أنَّ الإنسان لايجد سبيلاً لمعرفة ماوراء المادة ، أي : ليس في مقدوره أن يفهم ما إذا كان هناك شيء آخر وراء الطبيعة المحسوسة أم لا . ۱
ولو أنّهم اعترفوا بجهلهم لم يكونوا كفّاراً ، ولكنّهم لا يقفون عند عدم الاعتراف بجهلهم فحسب ، بل يتجاوزونه إلى قطاف ثمرة الجهل ، ممّا يعتبرونه في نظرهم على أنّه هو العلم ، فيتّخذون من جهلهم أساسا لنظريّتهم بالنسبة للمسائل الميتافيزيقية وماوراء الطبيعة ، فإذا برأيهم أنّه لا وجود لشيءٍ أصلاً إلّا للطبيعة المحسوسة .
وهكذا ، يتواءم الجهل والكفر ، فيخفي الإنسان جهله بعلم مزعوم .
الفاصل بين الإيمان والكفر
في المقام تجب الإجابة على السؤال التالي ، حيث ينبغي القول استنادا إلى ما مرّ في بيان العلاقة بين الجهل والكفر : إنّ هناك فاصلاً بين الكفر والإيمان ، وإنّ الشخص الّذي يشكّ في اُصول الإسلام العقيدية مع عدم إنكاره لها لا يعدّ مسلما ولا كافرا ، في حين أنّه لا توجد الفاصلة المذكورة بين الكفر والإيمان من الناحية الفقهية ، فكلّ شخص غير مؤمنٍ فهو كافر ؟
للجواب على هذا السؤال نقول : إنّ ما يخضع للدراسة في هذا الموضوع ، هو العلاقة بين الجهل والكفر من الناحية المعرفية لا من الناحية الفقهية ، صحيح أنّه لا توجد فاصلة بين الإيمان والكفر من الناحية الفقهية استنادا إلى النصوص الكثيرة