69
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

إلى السلطة وبرامجهم السياسية ب«الهوى الذي يَستَعلي عليه» .

احتمال الخطأ في إدارة الاُمور

والخلة الثالثة التي يعتبر كلّ شخص نفسه على صواب فيها هي كيفية تصريفه للاُمور وإدارتها ، فلا أحد يحتمل أن يكون مخطئا في إدارة الاُمور التي تفوّض إليه إدارتها ، بل إنه ليجزم بأنه أفضل مدير وأنّ تدبيره فيما يناط به من عمل أفضل تدبير ، والكل ـ ابتداءً برئيس الحكومة وانتهاءً بربّ العائلة ـ يرى الحقّ إلى جانبه في حُسن تدبيره ، وثمة لا يسمح لأحد بانتقاده .
خلاصة القول ، إنّ الجزم في المعتقدات الدينية والسياسية والإدارية مرضٌ فكريٌّ وعقائديٌّ سائدٌ يهدّد المجتمع البشريّ قاطبةً . ۱

خطر داء اعتبار النفس عالما

إنّ من أخطر الأمراض التي تهدّد الإنسان هو أن يتوهّم المرء نفسه عالما ، فاذا طرأ على الإنسان هذا المرض وأزمن لم يصعب عليه علاجه فحسب، بل ربّما استحال.
لقد أثبتت التجارب أنّه لم يُشْفَ من المبتلين بهذا المرض إلّا القليل ، ذلك لأنّ من لا يعلم أنّه لايعلم لا يخطر بذهنه أن يفكّر في علاج مرض الجهل ، فكيف يفكّر في دوائه؟! ولهذا يعيش مغموراً في الجهل أبد الدهر .
من يعلم ويعلم أنّه يعلم، وصل بحصان طربه إلى الأفلاك ، ومن لا يعلم ويعلم أنّه لايعلم فهو أيضا وصل بحماره الأعرج إلى الدار ، ومن لا يعلم ولا يعلم أنّه لا يعلم

1.يحذّر القرآن الكريم الناس من هذا المرض في مجالات متعدّدة . راجع المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم : كلمة «أكثر» .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
68

خطأ فهو لا يسمح لنفسه بالتحقيق .
ومن ثَمّ اعتبر الإمام الصادق عليه السلام في الحديث الآنف الذكر أنّ أمثال هذا التفكير الجزمي نوعٌ من الأمراض العقائدية السائدة ، وعليه ، فما دام الإنسان مصابا بهذا المرض فلا أملَ له في تصحيح عقيدته واختياره الدين الصحيح .

احتمال الخطأ في المعتقدات السياسية

المعتقدات السياسية تأتي في المرحلة الثانية بعد المعتقدات الدينية ، لا من حيث عدم احتمال الإنسان لخطئه فيها فحسب ، بل ومن حيث جزمه بأنّ الحقّ بجانبه ، فالدول والحكومات والمنظمّات والفئات وكذلك العناصر التي تسعى للوصول إلى الحكم والقدرة جميعا يدّعون بأنّ الحقّ إلى جانبهم ، ولابدّ من أن تطّبق مبادؤهم ومعتقداتهم السياسية على أساس ما يستصوبونه ، وأنهم هم الأولى بحكم الناس .
فالمسؤولون الأمريكيون مثلاً يعتبرون عقائدهم السياسية حقًّا ، ونفس الاعتبار لدى زعماء الحكومات الاُخرى أيضا .
وفي أيّ دولة يعتبر كلّ حزب أو فئة فيها أنّه على الحقّ وأنّ منافسه على الباطل ، وكذلك الحال بالنسبة لعناصر المنظّمة أو الحزب الواحد ، فإنّ كلّ من يسعى لفرض سلطته يعتبر معتقداته السياسية حقًّا وما سواها باطلاً .
فلو أننا تأمّلنا قليلاً أفعال اُولئك الذين يجهدون لإحراز المناصب والاستيلاء على السلطة وأمعنّا النظر في تصرّفاتهم لعلمنا بأنّ الكلّ لا يهدفون لشيء سوى الاستعلاء والهيمَنة ، وأنّ ما يدعون من عقائد سياسية ليست إلّا ذريعة وجسراً يَعبُرون عليه إلى السلطة لاغير ، ولهذا عبّر الإمام الصادق عليه السلام عن عقائد المتعطشين

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199097
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي