71
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

فالتاريخ يشهد بأنّ مؤسّس علم المنطق أرسطو (384 ـ 447 ق .م) كان أوّل من فكّر في الوقاية من خطأ الفكر .
لقد كانت بحوث سقراط وافلاطون أساسا لجهود أرسطو في كشف طريقة تحصيل العلم ، إلّا أنّ طبعه المدقّق لم يقتنع بالمباحث السقراطية ، ولم يعترف ببيان افلاطون فيما يختصّ بمنشأ العلم وسلوك طريق المعرفة ، أو يعتبرهما مطابقين للواقع ، وإنما تمكّن في مقابل المغالطة ومناقشة السّفسطائيين من اكتشاف القواعد الصحيحة للاستدلال واستنتاج الحقيقة ، وعلى هدى افلاطون وسقراط توصّل إلى وضع اُصول المنطق وقواعد القياس على أساس محكم ، لم يُضف أحد إليها شيئا مّا إلى يومنا هذا. ۱
وقيل في تعريف المنطق : إنه عِلْمٌ آليٌّ (آلةٌ قانونيةٌ) تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر .
ومنذ زمن بيكن (1560 ـ 1625 م) وديكارت (1596 ـ 1650 م) حصل تحوّل فكري في اُوربا ، أدّى إلى الاعتقاد بأنّ المنطق الارسطي غير كاف للوقاية من الخطأ في الفكر ، فقد كان ديكارت يعتقد أنّ قواعد المنطق رغم صوابها وثبوتها لا تجعل المجهول معلوما ، وأنّ فائدتها الحقيقية تكمن فقط في معرفة المصطلحات وتملّك القدرة على التفهيم والبيان ، وذلك لأنّ البرهان هو استخراج النتيجة من المقدّمات ، وإذا لم تكن المقدّمات معلومة فلن تتحقّق النتيجة ، وقواعد المنطق وحدها لاتكفي للحصول على معلوم ، فإذا ما توفّرت المقدّمات الصحيحة فالنتيجة حاصلة بذاتها ، والعقل السليم في الإنسان يستخدم القواعد المنطقية بالفطرة دونما احتياج إلى كلّ هذا البحث وجَدَلِ المناطقة ، أمّا إذا كانت المقدّمات المتوفّرة

1.سير حكمت در اروپا (بالفارسية) لمحمّد علي فروغي : ج ۱ ص ۳۱ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
70

بقي في الجهل المركّب أبد الدهر. ۱

علاج داء اعتبار الإنسان نفسه عالما

ينبغي لنا بعد هذه المقدّمة الوجيزة أن نعرف بماذا يوصي الإسلام لتصحيح العقيدة وللوقاية من داء ادّعاء العلم واعتبار الإنسان نفسه عالما ومعالجته .
فللوقاية من هذا الداء وعلاجه للوصول إلى العقيدة الصحيحة ركنان أساسيان ، هما : إزالة موانع المعرفة وتحرير بصيرة العقل ، وتوفير الشروط اللازمة للمعرفة ، والإسلام بدوره لايوصي بغيرهما ، ونظراً لأننا سنتعرّض لدراسة الموانع من المعرفة والشروط اللازمة لهابالشرح الكافي في القسم السادس والسابع من هذه السلسلة من البحوث لا نرى بأسا في إرجائها إلى وقتها .
أمّا ما نعرضه في هذا الفصل ، فهو التوصيات المشخّصة التي وردت في النصوص الإسلامية بخصوص موانع تصحيح العقيدة أو شروط تصحيح العقيدة ، ولو أن مرجع هذا المطلب أيضا هو بحث موانع المعرفة وشروطها .

موانع تصحيح العقيدة

إن موانع تصحيح العقيدة تعتبر من الاُمور التي تؤدّي بالفكر إلى الزلل والخطأ ، والباحث لا يستطيع ـ إذا ما برزت أمامه ـ أنّ يطمئنّ إلى مطابقة رأيه وعقيدته للواقع .

1.هذه ترجمة لأبيات من الشعر الفارسي ، وفيمايلي نصّها : آن كس كه بداند وبداند كه بداند اسب طرب خويش به افلاك رساند آن كس كه نداند وبداند كه نداند آن هم خرك لنگ به منزل برساند آن كس كه نداند ونداند كه نداند در جهل مركب ابدالدهر بماند (لغتنامه دهخدا (بالفارسية) : مادّة الجهل البسيط والجهل المركّب) .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199324
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي