المنطقية .
أمّا المنطق الجديد الذي يعرضه بيكن لقياس الخطأ في مواد الاستدلال ولوازمه فيتمثّل في اتّقاء موانع كشف الحقيقة ، هذه الموانع التي يعبّر عنها بالأوثان الطائفية ، والأوثان الشخصية ، والأوثان السوقية ، والأوثان المسرحية .
فالإنسان مواجهٌ أثناء تحصيل العلم مشاكل وعقبات لابُدّ من تجنّبها ، أهمّها تلك الأخطاء التي يُبتلى الذهن بها ، ونظراً لأنّ هذه الأخطاء مدعاة للإضلال فقد اعتبرها أوثانا أو أصناما وقسّمها إلى أربعة اقسام :
القسّم الأوّل : الأوثان الطائفية . أي : الأخطاء التي هي من خصائص الطبع البشري ، فكما أنّ المرايا المعوجَّة غير المستوية تكسر الأشعة الضوئية وتجعلها عوجاء منحرفة وتعكس الصور قبيحة مشوّهة فذهن الإنسان أيضا شأنه شأن هذه المرايا في تحريف المحسوسات والمعقولات وضياعها . . . مثلاً ، لو تصادف أنّ حُلْما من الأحلام قد تحوّل إلى حقيقة لصار مرجعا للذهن ، أمّا إذا لم يتحوّل الحلم إلى حقيقة فالذهن لا يذكره ولورآه مئة مرّة ولا يبني عليه ، وإنّما يتمسّك بما سبق أن اعتقد به ويتعصّب له ، وغالبا ما يفقد الإنصاف فيحكم حسب عواطفه ونفسيّاته ، ويتدخّل الغرور والنخوة والهلع والغضب والشهوة في آرائه بصورة تامّة ، فحواسّ الإنسان هي الاُخرى وإن كانت قاصرة معرّضة للخطأ . ثمَّ لا يجد الإنسان في نفسه رغبةً في إصلاح خطئها بالتأمّل والتمحيص ، بل يقتصر على رؤية ظاهر الأشياء ولا يسبر أغوارها .
القسم الثاني : ويشمل الأوثان الشخصية أي : الأخطاء التي يرتكبها الشخص استجابةً لما تقتضيه طبيعته ، كأن يتعلّق الإنسان بشيء ويجعل ذلك الشيء أساسا أو ركيزةً يبني عليها عقائده ، كما حدث مع أرسطو ، فقد كان مولعا بالمنطق ، فبنى