83
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

ه ـ الاستبداد

إنّ المانع الخامس من موانع تصحيح العقيدة هو الاستبداد ۱ بالرأي؛ وما هو إلَا أثر الانصياع مع الميول والرغبات النفسية نتيجةً لحدّة داء اعتبار النفس عالما .
وداء الاستبداد بالرأي يضيّق فكر مُصابه حتّى يتجمّد ويتحجّر ، فيصير حجر عثرة في طريق الحقيقة ، وبالتالي يحمل المصاب على الاعتقاد بحقّانية أقواله وعقيدته ودينه ورأيه ، وببطلان كلّ ما يقوله مناوئوه ، فمتى ما ابتلي الإنسان بجمود الفكر تأبَّى البتَّ في آراء غيره فيما يعتبرُه حقًّا ، وأعرض عن التفكير فيما يقولون ، وبهذا لا يستطيع التوصّل إلى الحقيقة .
وقد نُعِتَ الاستبداد في الروايات الإسلامية بأنه من مواطن الزلل الخطيرة ، إذا صمّم المتفكّر عليها دُحِضَ وهلك .
وقال الإمام علي عليه السلام عن جمود الفكر والاستبداد الفكري :
المُستَبِدُّ مُتَهَوِّرٌ فِي الخَطَاَ وَالغَلَطِ۲
وقال عليه السلام :
الاِستِبدادُ بِرَأيِكَ يُزِلُّكَ ويُهَوِّرُكَ فِي المَهاوي۳
وقال الإمام الصادق عليه السلام :
المُستَبِدُّ بِرَأيِهِ مَوقوفٌ عَلى مَداحِضِ الزَّلَلِ۴

و ـ اللجاجَة

وهي الاُخرى مانعٌ من موانع تصحيح العقيدة ، وتعتبر بالنسبة للبحوث والمسائل

1.استبدّ بالأمر يستبدّ به استبدادا : إذا تفرّد به دون غيره (النهاية : ج ۱ ص ۱۰۵) .

2.راجع : ج ۲ ص ۱۸۳ ح ۱۹۷۹ .

3.راجع : ج ۲ ص ۱۸۳ ح ۱۹۸۰ .

4.راجع : ج ۲ ص ۱۸۳ ح ۱۹۸۴ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
82

قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
مَن تَعَصَّبَ أَو تُعُصِّبَ لَهُ فَقَد خَلَعَ رَبَقَ الإِيمانِ (رِبقَةَ الإِسلامِ) مِن عُنُقِهِ.۱

د ـ التقليد

إنّ التقليد في العقائد يعني قبول رأي شخص أو أشخاص آخرين دون المطالبة بالدليل والبرهان ، وهو من نتائج التعصّب والموانع التي تحول دون التحقيق والتوصّل إلى آراء ومعتقدات علميّة صحيحة مطابقة للواقع والحقيقة .
إنّ التقليد غلٌّ يقيّد فكر الإنسان ، وما دام هذا الغلّ باقيا فتصحيح العقيدة أمرٌ محال .
إنّ التقليد لايسمح للإنسان بالتفكير في آرائه وعقائده من حيث صحّتها وسقمها ومطابقتها للواقع والحقيقة وعدم مطابقتها ، وما إذا كانت علما حقيقيا أم خيال علم ، ومعرفةً أم توهّم معرفة واعتبار الإنسان نفسه عالما .
إنّ التقليد يحول دون الفكر ونقد أفعال الآخرين وأفكارهم ومعتقداتهم وتحليلها بشكل حرّ .
إنّ التقليد يحصر الإنسان في زنزانة أفكار المقلَّد ومعتقداته جبراً .
التقليد يرغم الفكر على النظر إلى «القائل» بدلاً من «القول» .
أمّا توصية الإسلام لتصحيح العقيدة فتتمثّل في تحطيم غلِّ التقليد والعجيب أنّه لم ينج منه إلّا ما ندر من الناس ، والأعجب منه اُولئك الباحثون الراتعون في أصفاد التقليد ويتصوّرون أنّ أفكارهم حرّة!!

1.الكافي : ج ۲ ص ۳۰۸ ح ۲ ، بحار الأنوار : ج ۷۳ ص ۲۹۱ ح ۱۶ نقلاً عن ثواب الأعمال .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 195232
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي