89
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

للتوصّل إلى العقيدة الصحيحة والرأي السديد ، وتوصية الإمام علي عليه السلام بهذا الخصوص هي :
أمخِضُوا الرأيَ مَخضَ السّقَاءِ يُنتِج سَديدَ الآراءِ.۱
فلو أنّ الفكر تصلّب على رأي لأصابه الجمود والتحجّر ، وبالتالي يُشلُّ نشاطه ويتخلَّفُ عن الحركة والنموّ ويفقد القدرة على معرفة رأيه أو تمييزه من حيث الصحّة والبطلان أو الضعف والقوّة تمييزاً دقيقا ومعرفةً واقعية .
ولهذا أكّد الإمام عليه السلام على الباحث ـ حتّى يصل إلى العقائد الصحيحة والآراء السديدة ـ وجوب التحرّر من جمود الفكر وتقليب الآراء العلمية على وجهات النظر المختلفة في ذهنه بشدّة مع حركة الفكر ، والتدقيق والتحقيق في الأبعاد المختلفة للموضوع محلّ النظر .

5 . تبادل وجهات النظر

وهو من الشرائط الاُخرى اللازمة لتصحيح العقيدة ، فمن توصيةٍ لأميرالمؤمنين عليه السلام :
اِضرِبوا بَعضَ الرَّأيِ بِبَعضٍ يَتَوَلَّدُ مِنهُ الصَّوابُ.۲
نستنتج من هذا أنّ تبادل وجهات النظر بعيداً عن التعصّب يؤدّي بطبيعة الحال إلى بروز مواقع الضعف والقوّة والخطأ والصواب في الآراء المختلفة ، وعلى هذا الأساس ، فمن يجيز لنفسه الدراسة والبحث والتحقيق في آراء الآخرين يمكنه ـ لو كان من أهل التحقيق والبحث ـ أن يميّز النظر الصحيح من الخطأ ، فقد قال الإمام علي عليه السلام :

1.غرر الحكم : ح ۲۵۶۹ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۹۱ ح ۲۱۵۰ .

2.غرر الحكم : ح ۲۵۶۷ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۹۱ ح ۲۱۵۴ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
88

3 . تمركز الفكر

إنّ تمركز الفكر يحدّد للباحث أبعاد المسألة المطروحة لديه ويضعها في ضمن إطار مشخّص ، ومن ثَمَّ يظهر للمحقّق رأيه بناءً على الإلمام بكلّ ما تلزم ملاحظته بالنسبة لها ، وعليه ، فكلّما بادر الإنسان إلى البحث والتحقيق بأفكار أكثر تركيزاً كان أقرب إلى الحقيقة ، وكلّما قلَّ تركيزها كان أبعد عنها ، ولذلك لو أراد الباحث أن يكون رأيه صائبا تعيّن عليه توفير العوامل التي تساعد على تمركز الفكر وتجنّب الموانع التي تحول دون ذلك .

عوامل تمركز الفكر

لقد وردت أهمّ العوامل التي تؤدي إلى تمركز الفكر في روايةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام هذا نصّها :
خَمسُ خِصالٍ مَن فَقَدَ واحِدَةً مِنهُنَّ لَم يَزَل ناقِصَ العَيشِ زائِلَ العَقلِ مَشغولَ القَلبِ: فَأوَّلُها صِحَّةُ البَدَنِ، وَالثّانِيَةُ الأَمنُ، وَالثّالِثَةُ السَّعَةُ فِي الرِّزقِ، وَالرّابِعَةُ الأَنيسُ المُوافِقُ... وَالخامِسَةُ ـ وهِيَ تَجمَعُ هذِهِ الخِصالَ ـ الدَّعَةُ.۱
فنلاحظ أنّ الإمام عليه السلام يبدأ أولاً بالحديث عن خصالٍ لكلٍّ منها دور أساسي في كمال العيش وسلامة الفكر وفراغ البال والتفكير الصائب ، فهذه الخصال هي التي يحقّق وجودها تركيز الفكر ، على حين أنّ عدمها يسلب التركيز منه ، ثمّ يوضّح الإمام بعد ذلك هذه الخصال الواحدة تلو الأُخرى .

4 . حركة الفكر

إنّ حركة الفكر وحيويّته والحيلولة دون جموده شرط آخر من الشروط اللازمة

1.الخصال : ص ۲۸۴ ح ۳۴ ، مكارم الأخلاق : ج ۱ ص ۴۳۷ ح ۱۴۹۴ ، بحار الأنوار : ج ۷۴ ص ۱۸۶ ح ۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 239556
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي