91
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

بفراستهم كنوزاً لم تكن معروفة .
إنّ الرجال العظام يتمتّعون بموهبة هذا الإشراق فتراهم يعلمون ويعرفون ما يجب تعلّمه والتعرّف عليه دون الحاجة إلى الدليل والتحليل ، فالعالم الكبير يَنساقُ تلقائيا إلى طريق ينتهي إلى كشف جديد ، وهذه الحالة كانت تسمّى قبلَ هذا بالإلهام .
والعلماء فريقان : فريقٌ منطقي ، وآخر إشراقي ، وجميع العلوم والتقدّم العلمي رهين هذين الفريقين ، حتّى العلوم الرياضية التي تستند على اُسس وقواعد منطقية تماما ، قد أخذت قسطها من الإشراق أيضا . . . والحياة العادية هي الاُخرى شأنها القضايا العلمية ، إنّ الإشراق عاملٌ قويٌّ في المعرفة لكنّه خطيرٌ في نفس الوقت ، إذ يصعب التمييز في بعض الأحيان بينه وبين التوهّم . . .
وليس إلّا العظماء من الرجال والأطهار أصحاب القلوب الصافية الذين يبلغون به إلى الكمال وقمّة الحياة المعنوية ، إنّ هذه الموهبة مدهشة حقًّا ، ويبدو لنا أنّ إدراك الواقعية بدون دليل أو تعقّل أمرٌ لايقبل التفسير». ۱
ويؤيّد هذا الرأي العالم الرياضي الفرنسي جاك هادا مارا ، حيث يقول :
«حينما نتأمّل ظروف الاكتشافات والمخترعات يستحيل علينا أن نتجاهل الإدراكات الباطنية المفاجئة ، فكلّ عالم محقّق يشعر إلى حدٍّ ما بأنّ حياته ومسائله العلمية قد تكوّنت من خلال سلسلة من النشاطات المتناوبة ، كان لإرادته وشعوره ضِلْعٌ في البعض منها؛ وأمّا البقية فقد كانت حصيلة لسلسلة إلهامات باطنية». ۲

1.انسان موجود ناشناخته (بالفارسية) : ص ۱۳۹ ـ ۱۴۰ .

2.امدادهاى غيبى در زندگى بشر (بالفارسية) : ص ۸۰ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
90

مَنِ استَقبَلَ وُجوهَ الآراءِ عَرَفَ مَواقِعَ الخَطَاَ۱
وبالعكس ، فإنّ من لايسمح لنفسه برؤية آراء الآخرين والاطّلاع عليها ويتعجَّل إبداء الرّأي في كلّ ما يرد عليه معتدّاً بدليل فكره معتمداً على رأيهِ العقلي لا يتأتّى له من آرائه الفجَّة المتهافتة ـ على حدّ قول الإمام عليه السلام ـ إلّا الابتلاء بالأخطاء المضنية :
مَن جَهِلَ وُجوهَ الآراءِ أعيَتهُ الحِيَلُ.۲

6 . الامدادات الغيبية

وهي صاحبة السهم الأكبر في التوصّل إلى المعتقدات العلمية ومعرفة الحقيقة وتصحيح العقيدة ، فمهما كان الإنسان حاذقا وعالما فبسبب محدودية معلوماته ، لا يقدر على الإحاطة بقضيةٍ من القضايا بكلّ حيثياتها ، وليس في إمكانه التوصّل إلى الحقيقة والواقع خاصّة في المسائل العلمية المعقّدة إلّا بالامدادات الغيبية ، أو بعبارة اُخرى يحتاج إلى نوعٍ من الإلهام والإشراق ، ومن هذه الحيثية يعتقد الكسس كارل بأنّ الاكتشافات العلمية ليست نتاجا لفكر الإنسان وحده ، حيث يقول :
«يقينا إنّ الاكتشافات العلمية ليست نتاجا وثمرةً لفكر الإنسان ليس إلّا . فالنوابغ علاوةً على قدراتهم على الدراسة ودرك القضايا يتمتّعون بخصائص إبداعية اُخرى كالإشراق والتصوّر ، فهم يكشفون بالإشراق ما هو خافٍ على غيرهم ، ويبصرون الروابط المجهولة بين القضايا التي تبدو وكأنها لا صلة لها في الظاهر ، فيدركون

1.الكافي : ج ۸ ص ۲۲ ح ۴ ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۳۸۸ ، نهج البلاغة : الحكمة ۱۷۳ ، تحف العقول : ص ۹۰ .

2.غرر الحكم : ح ۷۸۶۵ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۴۵۳ ح ۸۱۲۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 199262
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي