93
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

الفصل الخامس : اختبار العقيدة

نعرض في هذا الفصل مسألةً من أهمّ المسائل التي ينبغي أن نطرحها على بساط البحث قبل الورود إلى البحوث العقائدية ، وتلك هي اختبار العقيدة .
فهل هناك مِعْيارٌ أو ميزانٌ يمكن للإنسان أن يختبر به عقيدته ورأيه ويقف على صحّتها؟ وكيف يتسنَّى للمحقّق أن يعلم أنّ ما يصفه هو أو يصفه غيره بأنه علمٌ وعقيدةٌ ونظريةٌ علميّة هو في الحقيقة علم وليس خيال علم واعتبار الإنسان نفسه عالما ؟ وهل في النصوص الإسلامية تعليمات ووصايا بخصوص اختبار العقائد أو لا ؟
والجواب على هذا السؤال هو : أنّ العقائد العلمية وكذلك العقائد غير العلمية ومرض اعتبار الإنسان نفسه عالما لها بكلّ تأكيد علائم وآثار يمكن للمحقّق بواسطتها اختبار آرائه واكتشاف صحّة عقائده وعقائد غيره وسقمها .
وللإمام علي عليه السلام بخصوص علائم العقائد العلمية وغير العلمية بيانٌ جامعٌ مبسوط إلى حدٍّ مّا ، جديرٌ بدقّة النظر لما هو عليه من قيمة .

علائم العقائد العلمية

نستهلّ بذكر كلام الإمام عن آثار العقائد العلمية وعلائمها ، وعن خصائص العلماء


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
92

وعليه ، يمكن القول بأنّه كلّما ازدادت الإمدادات الغيبية والإلهامات الباطنية لدى العالِم كانت آراؤه وعقائده أكثر صوابا ، واستطاع كشف الكثير من الحقائق العلميّة، وإذا اكتملت الإمدادات الغيبيّة عند الإنسان غدت آراؤهُ وعقائدهُ مصونةً من الخطأ.
لكن ما مصدر الإشراق والإلهامات الباطنيّة؟
هذا سؤال يعجز الماديّون عن الإجابة عنه ، أمّا الربّانيّون فيعرفون أنّ مصدرها هو اللّه عز و جل. فالله تعالى هو الذي يمنّ بهذه الموهبة على من يشاء كُلّ على قدر مايليق به، وكما تقضيه حكمة اللّه البالغة ، كما أنّ الدعاء وسيلة من الوسائل لنيل هذه الكفاءة. ولهذا كان الإمام السجّاد عليه السلام يدعو اللّه تعالى ويعلّمنا أن ندعوه ليعيننا على سداد آرائنا:
وأَعوذُ بِكَ مِن دُعاءٍ مَحجوبٍ، ورَجاءٍ مَكذوبٍ، وحَياءٍ مَسلوبٍ، وَاحتِجاجٍ مَغلوبٍ، و رَأيٍ غَيرِ مُصيبٍ.
بَيْدَ أنّا يجب أن نلتفت إلى أنّ الدعاء أحد مبادئ الإلهام والإشراق، ويؤدّي دوره إلى جانب مبادئهما الاُخرى ، وسيأتي شرح هذه المبادئ في الفصل الرابع من القسم السادس. ۱

1.راجع : ج ۲ ص ۱۴۱ «الفصل الرابع : مبادئ الإلهام» .

عدد المشاهدين : 243083
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي