101
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

توضيح حول تأثير التجربة في معرفة اللّه

يمكن أن نفسّر معرفة اللّه عن طريق التجربة بنمطين ، وهما كما يأتي :
الأوّل : تطرأ في الحياة الخاصّة لكلّ إِنسان حالات وحوادث متنوّعة ، وهي تعبّر عن تدبير المدبّر من جهة ، وأن لا تأثير للإنسان نفسه في إِيجادها من جهة أُخرى ، كأنّه يعتزم بجزمٍ على القيام بعملٍ ينتهي بضرره في الحقيقة لكنّه ينصرف عنه بلا دليل عقليّ خاصّ يمتلكه ، ثمّ يتبيّن بعد ذلك أنّه لو كان فَعَلَهُ لضرّه وأَخسره ، فمن ذا الذي حال بينه وبين عزمه القاطع وأَنقذه من الخطر؟
إِنّ التأمّل في هذه التجربة كما لوحظ في الكلام العلويّ يوصل الإنسان إِلى نتيجة ، هي أنّ مدبّر حياة الإنسان غيره ، وما هو إِلّا اللّه الحكيم العليم القدير ، كما نقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى : «وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ»۱ . أَجل ، فاللّه سبحانه هو الذي يحول بين الإنسان وقلبه ، ويسبّب فسخ عزيمته ونقض همّته .
على هذا المنوال نلاحظ أنّ الطفولة ، والشباب ، والشيخوخة ، والضعف ، والقوّة ،

1.الأنفال : ۲۴ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
100

۳۴۸۶.الإمام الصادق عليه السلامـ لِابنِ أَبِي العَوجاءِ لَمّا قالَ : ما مَنَعَهُ إِن كان الأَمرُ كَما يَقولونَ أن يَظهَرَ لِخَلقِهِ ويَدعوهُم إِلى عِبادَتِهِ حَتّى لا يَختَلِفَ مِنهُمُ اثنانِ ، ولِمَ احتَجَبَ عَنهُم وأرسَلَ إِلَيهِمُ الرُّسُلَ ؟ ولو باشَرَهُم بِنَفسِهِ كانَ أَقرَبَ إِلَى الإِيمانِ بِهِ ـ: وَيلَكَ وكَيفَ احتَجَبَ عَنكَ مَن أَراكَ قُدرَتَهُ في نَفسِكَ ؛ نُشوءَكَ ولَم تَكُن ، وكِبَرَكَ بَعدَ صِغَرِكَ ، وقُوَّتَكَ بَعدَ ضَعفِكَ وضَعفَكَ بَعدَ قُوَّتِكَ ، وسُقمَكَ بَعدَ صِحَّتِكِ وصِحَّتَكَ بَعدَ سُقمِكَ ، ورِضاكَ بَعدَ غَضَبِكَ وغَضَبَك بَعدَ رِضاكَ ، وحُزنَكَ بَعدَ فَرَحِكَ وفَرَحَكَ بَعدَ حُزنِكَ ، وحُبَّكَ بَعدَ بُغضِكَ وبُغضَكَ بَعدَ حُبِّكَ ، وعَزمَكَ بَعدَ أَناتِكَ وأَناتَكَ بعد عَزمِكَ ، وشَهوَتَكَ بَعدَ كَراهَتِكَ وكَراهَتَكَ بَعدَ شَهوَتِكَ ، ورَغبَتَكَ بَعدَ رَهبَتِكَ ورَهبَتَكَ بَعدَ رَغبَتِكَ ، ورَجاءَكَ بَعدَ يَأسِكَ ويَأسَكَ بَعدَ رَجائِكَ ، وخاطِرَكَ بِما لَم يَكُن في وَهمِك ، وعُزوبَ ما أنتَ مُعتَقِدُهُ عَن ذِهنِكَ . ۱

راجع : ص 83 (معرفة النفس) و 135 ح 3545.

1.الكافي : ج ۱ ص ۷۵ ح ۲ ، التوحيد : ص ۱۲۷ ح ۴ وفيه «إبائك» بدل «أناتك» وكلاهما عن ابن أبي العوجاء .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 144476
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي