105
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

لا تَخلو مِن إِحدى جِهَتَينِ : إِمّا أن أَكونَ صَنَعتُها أنَا أو صَنَعَها غَيري ؛ فَإِن كُنتُ صَنَعتُها أنَا فَلا أَخلو مِن أَحَدِ مَعنَيَينِ : إِمّا أن أَكونَ صَنَعتُها وكانَت مَوجودَةً ، أو صَنَعتُها وكانَت مَعدومَةً ؛ فَإِن كُنتُ صَنَعتُها وكانَت مَوجودَةً فَقَدِ استَغنَت بِوُجودِها عَن صَنعَتِها ، وإِن كانَت مَعدومَةً فَإِنَّكَ تَعلَمُ أنَّ المَعدومَ لا يُحدِثُ شَيئا ، فَقَد ثَبَتَ المَعنَى الثّالِثُ أنَّ لي صانِعا ؛ وهُوَ اللّهُ رَبُّ العالَمينَ ، فَقامَ وما أَحارَ جَوابا ۱ . ۲

۳۴۹۲.عنه عليه السلامـ لَمّا سَأَلَهُ ابنُ أَبِي العَوجاءِ : مَا الدَّليلُ عَلى حَدَثِ الأَجسامِ ؟ ـ:
إِنّي ما وَجَدتُ شَيئا صَغيرا ولا كَبيرا إِلّا وإِذا ضُمَّ إِلَيهِ مِثلُهُ صارَ أَكبَرَ ، وفي ذلِكَ زَوالٌ وَانتِقالٌ عَنِ الحالَةِ الأُولى ، ولَو كانَ قَديما ما زالَ ولا حالَ ؛ لِأَنَّ الَّذي يَزولُ ويَحولُ يَجوزُ أن يوجَدَ ويَبطُلَ ، فَيَكونُ بِوُجودِهِ بَعدَ عَدَمِهِ دُخولٌ فِي الحَدَثِ ، وفي كونِهِ فِي الأَزَلِ دُخولُهُ فِي العَدَمِ ، ولَن تَجتَمِعَ صِفَةُ الأَزَلِ وَالعَدَمِ وَالحُدوثِ وَالقِدَمِ في شَيءٍ واحِدٍ .
فَقالَ عَبدُ الكَريمِ : هَبكَ عَلِمتَ في جَريِ الحالَتَينِ وَالزَّمانَينِ عَلى ما ذَكَرتَ ، وَاستَدلَلتَ بِذلِكَ عَلى حُدوثِها ، فَلَو بَقِيَتِ الأَشياءُ عَلى صِغَرِها ، مِن أينَ كانَ لَكَ أن تَستَدِلَّ عَلى حُدوثِهِنَّ ؟
فَقالَ العالِمُ عليه السلام : إِنَّما نَتَكَلَّمُ عَلى هذَا العالَمِ المَوضوعِ ، فَلَو رَفَعناهُ ووَضَعنا عالَما آخَرَ كانَ لا شَيءَ أَدَلُّ عَلَى الحَدَثِ مِن رَفعِنا إِيّاهُ ووَضِعنا غَيرَهُ ، ولكِن أُجيبُكَ مِن حَيثُ قَدَرتَ أن تُلزِمَنا ، فَنَقولُ : إِنَّ الأَشياءَ لَو دامَت عَلى صِغَرِها لَكانَ فِي الوَهمِ أنَّهُ مَتى ضُمَّ شَيءٌ إِلى مِثلِهِ كانَ أكبَرَ ، وفي جَوازِ التَّغييرِ عَلَيهِ خُروجُهُ مِنَ القِدَمِ ، كَما أنَّ

1.ما أَحارَ جوابا : أي ما ردَّ (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۱۶) .

2.التوحيد : ص ۲۹۰ ح ۱۰ عن هشام بن الحكم ، بحار الأنوار : ج ۳ ص ۵۰ ح ۲۳ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
104

العالَمَ المُتَحَرِّكَ مُتَناهِيَةً أَزمانُهُ وأعيانُهُ وحَرَكاتُهُ وأَكوانُهُ ، وجَميعُ ما فيهِ ، ووَجَدنا ما غابَ عَنّا مِن ذلِكَ يَلحَقُهُ النِّهايَةُ ، ووَجَد[نَا ]العَقلَ يَتَعَلِّقُ بِما لا نِهايَةَ ، و لَولا ذلِكَ لَم يَجِدِ العَقلُ دَليلاً يُفَرِّقُ ما بَينَهُما ، ولَم يَكُن لَنا بُدٌّ مِن إِثباتِ ما لا نِهايَةَ لَهُ مَعلوما مَعقولاً أَبَدِيّا سَرمَدِيّا ، لَيسَ بِمَعلومٍ أنَّهُ مَقصورُ القُوى ، ولا مَقدورٌ ولا مُتَجَزِّئٌ ولا مُنقَسِمٌ ، فَوَجَبَ عِندَ ذلِكَ أن يَكونَ ما لا يَتَناهى مِثلَ ما يَتَناهى .
وإِذ قَد ثَبَتَ لَنا ذلِكَ ، فَقَد ثَبَتَ في عُقولِنا أنَّ ما لا يَتَناهى هُوَ القَديمُ الأَزَلِيُّ ، وإِذا ثَبَتَ شَيءٌ قَديمٌ وشَيءٌ مُحدَثٌ ، فَقَدِ استَغنَى القَديمُ الباري لِلأَشياءِ عَنِ المُحدَثِ الَّذي أَنشَأَهُ وبَرَأَهُ وأَحدَثَهُ ، وصَحَّ عِندَنا بِالحُجَّةِ العَقلِيَّةِ أنَّهُ المُحدِثُ لِلأَشياءِ ، وأنَّهُ لا خالِقَ إِلّا هُوَ ، فَتَبارَكَ اللّهُ المُحدِثُ لِكُلِّ مُحدَثٍ ، الصّانِعُ لِكُلِّ مَصنوعٍ ، المُبتَدِعُ لِلأَشياءِ مِن غَيرِ شَيءٍ .
وإِذا صَحَّ أنّي لا أَقدِرُ أن أُحدِثَ مِثلِي استَحال أن يُحدِثَني مِثلي ، فَتَعالَى المُحدِثُ لِلأَشياءِ عَمّا يَقولُ المُلحِدونَ عُلُوّا كَبيرا . ۱

۳۴۹۰.الإمام الصادق عليه السلامـ لَمّا سُئِلَ: مَا الدَّليلُ عَلى أنَّ لِلعالَمِ صانِعا ؟ : أَكثَرُ الأَدِلَّةِ في نَفسي ؛ لِأَنّي وَجَدتُها لا تَعدو أَحَدَ أمرَين :
إِمّا أن أَكونَ خَلَقتُها وأنَا مَوجودٌ ، وإِيجادُ المَوجودِ مُحالٌ ، وإِمّا أن أكونَ خَلَقتُها وأنَا مَعدومٌ ؛ فَكَيفَ يَخلُقُ لا شَيءٌ ؟ فَلَمّا رَأَيتُهُما فاسِدَتَينِ مِنَ الجِهَتَينِ جَميعا عَلِمتُ أنَّ لي صانِعا ومُدَبِّرا . ۲

۳۴۹۱.عنه عليه السلامـ لَمّا سَأَلَهُ أَبو شاكِرٍ الدَّيصانِيُّ: مَا الدَّليلُ عَلى أنَّ لَكَ صانِعا ؟ ـ : وَجَدتُ نَفسي

1.بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۹۰ نقلاً عن رسالة النعماني .

2.روضة الواعظين : ص ۳۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 109994
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي