255
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

الجواب هو أنّه لا مِراءَ في أنّ حبّه تعالى ثمرة لمعرفته ؛ لأنّ الإنسان لايمكن أن يُحبّ من لا يعرفه ، لكنّ حبّ اللّه بدوره مقدّمة لنيل درجات أَعلى من معرفة اللّه .
بتعبير آخر : كلّ درجة من المعرفة ممهِّدة لحبّ أَكثر ، وكلّ درجة من الحبّ مقدّمة لمعرفةٍ أَوفر ، حتّى يظفر السالك بأَعلى درجات المعرفة الشهوديّة ، وهذا هو معنى «المحبّة أَساس المعرفة» .

6 / 5

الاِنقِطاعُ إلَى اللّهِ

۳۶۵۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ فِي الدُّعاءِ ـ: إِلهي مَن ذَا الَّذِي انقَطَعَ إِلَيكَ فَلَم تَصِلهُ؟! ۱

۳۶۶۰.عنه صلى الله عليه و آله :إِنَّ العَبدَ . . . إِذا تَوَجَّهَ إِلى مُصَلّاهُ لِيُصَلِّيَ ، قالَ اللّهُ عز و جل لِمَلائِكَتِهِ : يا مَلائِكَتيأما تَرَونَ هذا عَبدي كَيفَ قَدِ انقَطَعَ عَن جَميعِ الخَلائِقِ إِلَيَّ، وأَمَّلَ رَحمَتي وجودي ورَأفَتي؟ أُشهِدُكم أنّي أَختَصُّهُ بِرَحمَتي وكَراماتي . ۲

۳۶۶۱.الإمام عليّ عليه السلامـ من مُناجاتِهِ فِي شَهرِ شَعبانَ ـ: إِلهي هَب لي كَمالَ الاِنقِطاعِ إِلَيكَ ، وأَنِر أَبصارَ قُلوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيكَ ، حَتّى تَخرِقَ أَبصارُ القُلوبِ حُجُبَ النُّورِ ، فَتَصِلَ إِلى مَعدِنِ العَظَمَةِ ، وتَصيرَ أَرواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدسِكَ . ۳

۳۶۶۲.عنه عليه السلام :الوُصلَةُ بِاللّهِ فِي الاِنقِطاعِ عَنِ النَّاسِ. ۴

۳۶۶۳.عنه عليه السلام :لَن تَتَّصِلَ بِالخالِقِ حَتّى تَنقَطِعَ عَنِ الخَلقِ. ۵

1.بحار الأنوار : ج ۹۰ ص ۳۴۲ ح ۵۴ نقلاً عن اختيار ابن الباقي.

2.التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۵۲۱ و ۵۲۲ ، بحار الأنوار : ج ۸۲ ص ۲۲۱ ح ۴۲.

3.الإقبال: ج۳ ص۲۹۹، بحارالأنوار: ج۹۴ ص۹۹ ح۱۳ نقلاً عن الكتاب العتيق الغروي وكلاهما عن ابن خالويه.

4.غرر الحكم : ح ۱۷۵۰ .

5.غرر الحكم : ح ۷۴۲۹ ، عيون الحكم والمواعظ: ص ۴۰۷ ح ۶۸۹۹ نحوه .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
254

يا يَحيى ، أنا جَليسُ قَلبِهِ وغايَةُ أُمنِيَّتِهِ وأَمَلِهِ ، أهَبُ لَهُ كُلَّ يَومٍ وساعَةٍ ؛ فَيَتَقَرَّبُ مِنّي وأتَقَرَّبُ مِنهُ ، أَسمَعُ كَلامَهُ وأُجيبُ تَضَرُّعَهُ ، فَوَعِزَّتي وجَلالي لَأَبعَثَنَّهُ مَبعَثا يَغبِطُهُ بِهِ النَّبِيّونَ وَالمُرسَلونَ ، ثُمَّ آمُرُ مُنادِيا يُنادي : هذا فُلانُ بنُ فُلانٍ ، وَلِيُّ اللّهِ وصَفِيُّهُ ، وخِيَرَتُهُ مِن خَلقِهِ ، دَعاهُ إِلى زِيارَتِهِ لِيَشفِيَ صَدرَهُ مِنَ النَّظَرِ إِلى وَجهِهِ الكَريمِ . ۱

۳۶۵۸.المحجّة البيضاء :في أَخبارِ داوودَ عليه السلام : إِنَّ اللّهَ عز و جل أوحى إِلَيهِ : ... يا داوودُ ، إنّي خَلَقتُ قُلوبَ المُشتاقينَ مِن رِضواني ، ونَعَّمتُها بِنُورِ وَجهي . . .
فَقالَ داوودُ : يا رَبِّ ، بِمَ نالوا مِنكَ هذا ؟
قالَ : بِحُسنِ الظَّنِّ ، وَالكَفِّ عَنِ الدُّنيا وأَهلِها ، وَالخَلَواتِ بي ومُناجاتِهِم لي ، وإِنَّ هذا مَنزِلٌ لا يَنالُهُ إِلّا مَن رَفَضَ الدُّنيا وأَهلَها ، ولَم يَشتَغِل بِشَيءٍ مِن ذِكرِها ، وفَرَّغَ قَلبَهُ لي ، وَاختارَني عَلى جَميعِ خَلقي ، فَعِندَ ذلِكَ أَعطِفُ عَلَيهِ ، فَأُفَرِّغُ نَفسَهُ لَهُ ، وأَكشِفُ الحِجابَ فيما بَيني وبَينَهُ ، حَتّى يَنظُرَ إِلَيّ نَظَرَ النّاظِرِ بِعَينِهِ إِلَى الشَّيءِ . ۲

راجع : المحبّة في الكتاب والسنّة : (القسم الثاني / الفصل السابع / لقاء اللّه ) .

تعليق :

إِنّ حبّ اللّه سبحانه أَحد الطرق إِلى بلوغ كمال معرفته ، كما جاء في أَحاديث هذا الفصل ، من جهة أُخرى نقرأ في الفصل السابع أنّ أَوّل أَثر لمعرفة اللّه ـ جلّ شأنه ـ هو حبّه ، فكيف يمكن أن يكون حبّ اللّه طريقا لبلوغ معرفته ، ونتيجةً ومحصَّلةً لذلك في آنٍ واحدٍ؟

1.حلية الأولياء: ج ۱۰ ص ۸۲ .

2.احياء علوم الدين : ج ۴ ص ۴۷۰ و ۴۷۱ ؛ المحجّة البيضاء : ج ۸ ص ۵۹ و ۶۰ .

عدد المشاهدين : 141463
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي