343
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

«اللّهُ أعلى وأجَلُّ أن يَطَّلِعَ أَحَدٌ عَلى كُنهِ مَعرِفَتِهِ» . ۱
وقال أَيضا :
«يامَن لا يَعلَمُ ما هُوَ إلّا هُوَ» . ۲
وقال كذلك:
«سُبحانَكَ ما عَرَفناكَ حَقَّ مَعرِفَتِكَ» . ۳
الخامس : الروايات التي تقسم حجب اللّه تعالى إِلى حجب نورانيّة وظلمانيّة ، وأَشرنا قبل ذلك إِلى المعنى المحتمَل للحجبِ النورانيّة، ۴ أَمّا القصد من الحجب الظلمانيّة فهو ـ على ما يبدو ـ الصدأَ الذي يرين على البصائر ويحول دون معرفة اللّه بسبب الأَعمال غير الصالحة ، كما جاء في القرآن الكريم :
«كَلَا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * كَلَا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ»۵ .
وسيأتي شرح هذه الموانع في الفصل العاشر .
ويقول الشاعر حافظ الشيرازيّ مشيرا إِلى هذه الحجب ما تعريبه :

لا نقاب ولا حجاب يحول دون جمال الحبيب
ولكن أزح الغبار حتّى يتيسّر لك النظر .

توضيح العلّامة المجلسيّ حول روايات الحجب :
قال العلّامة المجلسيّ رحمه الله في تبيين الروايات التي هي مثار البحث:

1.راجع : ص ۳۱۷ ح ۳۷۹۳ .

2.راجع : ص ۳۱۷ ح ۳۷۹۱ .

3.راجع : ص ۳۱۷ ح ۳۷۹۲ .

4.المعنى الدقيق القاطع لحجب النور والظلمة غير واضح . لمزيد الاطّلاع انظر: فصوص الحكم ، فصّ الحكمة الإلهيّة في الكلمة الآدميّة ، تعليقة أبي العلاء : ص ۱۶ ـ ۱۷ . تعليقات الإمام الخمينيّ على فصوص الحكم .

5.المطفّفين: ۱۴ و ۱۵ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
342

هذا المعنى أَيضا . ۱
الرابع : الروايات التي تعبّر عن حجاب اللّه ـ عزّ وجلّ ـ بالنّور . ولعلّ المراد من الحجب النورانيّة ـ كما قيل ـ رؤية العابد عبادة نفسه ، فإنّ العبادة نور ، لكن إِنْ رآها السالك يُصَب بنوع من الأَنانية التي تحجب المعرفة الشهودية.
وقيل : إِنّ المراد بالحجب النورانيّة ، المخلوقات الأَفضل ، بمعنى أَنّ كلّ مخلوق أَفضل يحجب ما دونه ؛ لأَنّه واسطة الفيض إِليه . ولكن لا يستقيم هذا الاحتمال مع ما مرّ من الأَحاديث في هذا الشأَن ، فتأَمّل .
إِذا ، يتيسّر لنا أَن نقول : إِنّ المراد من خرق حجب النُّور بأَبصارُ القلوب الوارد في المناجاة الشعبانيّة :
«وأنِر أَبصارَ قُلوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيكَ حَتّى تَخرِقَ أَبصارُ القُلوبِ حُجُبَ النّورِ فَتَصِلَ إلى مَعدِنِ العَظَمَةِ ...»
هو أَنّ السالك في سلوكه إِلى اللّه يبلغ نقطةً تُماط فيها حجب الأَنانيّة كلّها نتيجة لشدّة حبّ اللّه سبحانه فلا يَرَى شيئا إِلّا اللّه سبحانه وتعالى ، وكما قال الشاعر الفارسيّ حافظ الشيرازيّ ما تعريبه :

لا حجاب بين العاشق والمعشوق
فنفسك هي الحجاب يا حافظ فأزحها

وهذه المرحلة من معرفة اللّه وإِن كانت تمثّل أَعلى منازل السلوك وأَسمى درجات المعرفة لكنّها لا تعني إِحاطة المخلوق بالخالق ومعرفة كنه اللّه سبحانه قطعا ، من هنا فإنّ سيد المرسلين وإمام أَهل المعرفة أجمعين إِذ يصرح على أنّ معرفة الكنه غير ميسّرة له أَيضا ، يقول:

1.راجع : ص ۳۱۷ «لا يَبلُغُ أحدٌ كُنهَ مَعرِفَتهِ» .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 144623
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي