389
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

قالَ لَهُ: نَعَم .
قالَ: فَإِذا أَحدَثَ إِرادَةً كانَ قَولُكَ : إِنَّ الإِرادَةَ هِيَ هُوَ أَم شَيءٌ مِنهُ باطِلاً ؛ لِأَنَّهُ لا يَكونُ أَن يُحدِثَ نَفسَهُ ولا يَتَغَيَّرَ عَن حالِهِ ، تَعالَى اللّهُ عَن ذلِكَ .
قالَ سُلَيمانُ: إِنَّهُ لَم يَكُن عَنى بِذلِكَ أَنَّهُ يُحدِثُ إِرادَةً .
قالَ: فَما عَنى بِهِ ؟ قالَ: عَنى فِعلَ الشَّيءِ.
قالَ الرِّضا عليه السلام : وَيلَكَ ! كَم تُرَدِّدُ هذِهِ المَسأَلَةَ ، وقَد أَخبَرتُكَ أَنَّ الإِرادَةَ مُحدَثَةٌ ؛ لِأَنَّ فِعلَ الشَّيءِ مُحدَثٌ .
قالَ: فَلَيسَ لَها مَعنىً .
قالَ الرِّضا عليه السلام : قَد وَصَفَ نَفسَهُ عِندَكُم حَتّى وَصَفَها بِالإِرادَةِ بِما لا مَعنى لَهُ، فَإِذا لَم يَكُن لَها مَعنىً قَديمٌ ولا حَديثٌ بَطَلَ قَولُكُم : إِنَّ اللّهَ لَم يَزَل مُريدا.
قالَ سُلَيمانُ: إِنَّما عَنَيتُ أَنَّها فِعلٌ مِنَ اللّهِ لَم يَزَل .
قالَ: أَلا تَعلَمُ أَنَّ ما لَم يَزَل لا يَكونُ مَفعولاً وحَديثا وقَديما في حالَةٍ واحِدَةٍ؟! فَلَم يُحِر جَوابا.
قالَ الرِّضا عليه السلام : لا بَأسَ ، أَتمِم مَسأَلَتَكَ .
قالَ سُلَيمانُ: قُلتُ: إِنَّ الإِرادَةَ صِفَةٌ مِن صِفاتِهِ .
قالَ الرِّضا عليه السلام : كَم تُرَدِّدُ عَلَيَّ أَنَّها صِفَةٌ مِن صِفاتِهِ . وصِفَتُهُ مُحدَثَةٌ أَو لَم تَزَل؟!
قالَ سُلَيمانُ: مُحدَثَةٌ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
388

قالَ الرِّضا عليه السلام : لَيسَ ذلِكَ سَواءً ؛ لِأَنَّ نَفيَ المَعلومِ لَيسَ بِنَفيِ العِلمِ ، ونَفيَ المُرادِ نَفيُ الإِرادَةِ أَن تَكونَ ؛ لِأَنَّ الشَّيءَ إِذا لَم يُرَد لَم يَكُن إِرادَةٌ ، وقَد يَكونُ العِلمُ ثابِتا وإِن لَم يَكُنِ المَعلومُ بِمَنزِلَةِ البَصَرِ؛ فَقَد يَكونُ الإِنسانُ بَصيرا وإِن لَم يَكُن المُبصَرُ ، ويَكونُ العِلمُ ثابِتا وإِن لَم يَكُنِ المَعلومُ . ۱
قالَ سُلَيمانُ: إِنَّها مَصنوعَةٌ .
قالَ عليه السلام : فَهِيَ مُحدَثَةٌ لَيسَت كَالسَّمعِ وَالبَصَرِ ؛ لِأَنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ لَيسا بِمَصنوعَينِ وهذِهِ مَصنوعَةٌ .
قالَ سُلَيمانُ: إِنَّها صِفَةٌ مِن صِفاتِهِ لَم تَزَل .
قالَ: فَيَنبَغي أَن يَكونَ الإِنسانُ لَم يَزَل ؛ لِأَنَّ صِفَتَهُ لَم تَزَل !
قالَ سُلَيمانُ: لا ؛ لِأَنَّهُ لَم يَفعَلها .
قالَ الرِّضا عليه السلام : يا خُراسانِيُّ ما أَكثَرَ غَلَطَكَ ! أَفَلَيسَ بِإِرادَتِهِ وقَولِهِ تَكَوُّنُ الأَشياءِ؟!
قالَ سُلَيمانُ: لا .
قالَ: فَإِذا لَم يَكُن بِإِرادَتِهِ ولا مَشيئَتهِ ولا أَمرِهِ ولا بِالمُباشَرَةِ فَكَيفَ يَكونُ ذلِكَ؟! تَعالَى اللّهُ عَن ذلِكَ . فَلَم يُحِر جَوابا.
ثُمَّ قالَ الرِّضا عليه السلام : أَلا تُخبِرُني عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «وَ إِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا»۲ يَعني بِذلِكَ أَنَّهُ يُحدِثُ إِرادَةً؟!

1.إلى هنا يوجد في الاحتجاج ، مع ذيله من «فإنّ الإرادة القدرة» إلى آخره .

2.الإسراء: ۱۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 145160
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي