57
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

وإِن لم يذكر أحد خصوصيات موقف الميثاق ، كما قال الإمام الصادق عليه السلام في تبيان آية الميثاق:
«ثَبَتَت المَعرِفَةُ ونَسُوا المَوقِفَ وسَيَذكُرونَهُ ، ولَولا ذلِكَ لَم يَدرِ أحَدٌ مَن خالِقُهُ و رازِقُهُ»۱.
2 . أنّ المقصود من السؤال والجواب والميثاق هو غير المتداوَل منها ، وإنّما هو ميثاق فطرة الإنسان مع اللّه تعالى ، واعترافه بربوبيّة اللّه الأَحد هو تلك المعرفة التي أَودعها اللّه في فطرة البشر وثبّتها .
الطائفة الثالثة : النصوص التي تدلّ على أنّ طبيعة الإنسان بنحو أنّه إِذا مُنيَ بربقة المصائب والشدائد زالت موانع المعرفة من بصيرته وفي هذه الحالة يشعر بكلّ وجوده حقيقة اللّه سبحانه وتعالى ، ويمدّ يد الفاقة إِلى ذلك الغنيّ. ومحصّلة الآيات القرآنيّة في هذا المجال وردت في كلام نورانيّ للإمام العسكريّ عليه السلام ، فقد قال سلام اللّه عليه:
«اللّهُ ، هُوَ الَّذي يَتَأَلَّهُ إِلَيهِ عِندَ الحَوائِجِ والشَّدائِدِ كُلُّ مَخلوقٍ عِندَ انقِطاعِ الرَّجاءِ مِن كُلِّ مَن هُوَ دونَهُ ، وتَقَطُّعِ الأسبابِ مِنَ جَميعِ ما سِواهُ»۲.

معنى فطرة معرفة اللّه

لهذه الفطرة معنيان: الفطرة العقليّة ، والفطرة القلبيّة .
إِنّ القصد من فطرة معرفة اللّه العقليّة هو : أنّ اللّه سبحانه خلق عقل الإنسان بشكل يكون التوجّه إِلى الوجود والنظام المسيطر عليه باعثا على إِيجاد الاعتقاد بوجود اللّه ذاتيّا وبلا حاجة إِلى الاستدلال .

1.راجع : ص ۵۹ ح ۳۴۱۸ .

2.راجع : ص ۶۳ ح ۳۴۲۶ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
56

اللّه الإقرارَ بربوبيّته من جميع الناس ، فقال عليه السلام :
«ثَبَتَتِ المَعرِفَةُ في قُلوبِهِم» .
وقد جاء في بعض الأَخبار:
«أثبَتَ المَعرِفَةَ في قُلوبِهِم»۱.و عن ابن مسكان عن أَبي عبد اللّه عليه السلام في قَولِهِ تَعالى :«وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى»قال : قُلتُ : مُعايَنَةً كانَ هذا ؟
قالَ عليه السلام : نَعَم ، فَثَبَتَتِ المَعرِفَةُ ونَسُوا المَوقِفَ وسَيَذكُرونَهُ ، ولَولا ذلِكَ لَم يَدرِ أَحَدٌ مَن خالِقُهُ ورازِقُهُ ، فَمِنهُم مَن أَقَرَّ بِلِسانِهِ فِي الذَّرِّ ولَم يُؤمِن بِقَلبِهِ ، فَقالَ اللّهُ :«فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ»۲.۳

الجدير بالذكر أنّه يمكن تفسير الآيات والأَحاديث التي تناولت بيان الميثاق الفطريّ بتفسيرين :
1 . أن يكون ظاهر هذه الآيات والأَحاديث مشيرا إِلى مرحلةٍ من حياة البشر قبل نشأة الدنيا إِذ عرّف اللّه فيها نفسه لجميع الناس وخاطبهم: «ألستُ بربّكم» ؟ ، فأجابوا كلّهم: «بَلَى» ، واعترفوا بربوبيّته .
هكذا انعقد ميثاق بين الإنسان وربّه يُدعى الميثاق الفطريّ ، ويتمثّل أثر هذا الميثاق في المعرفة القلبيّة للإنسان باللّه ، وتتجلّى هذه المعرفة في ظروف خاصّة ،

1.راجع : ص ۶۱ ح ۳۴۲۲ .

2.الأعراف : ۱۰۱ .

3.راجع : ص ۶۰ ح ۳۴۲۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 141918
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي