123
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج5

فَأَمَّا القُدرَةُ فَقَولُهُ تَعالى : «إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْ ءٍ إِذَآ أَرَدْنَـهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ »۱ فَهذِهِ القُدرَةُ التّامَّةُ الَّتي لا يَحتاجُ صاحِبُها إِلى مُباشَرَةِ الأَشياءِ ، بَل يَختَرِعُها كَما يَشاءُ سُبحانَهُ ولا يَحتاجُ إِلَى التَّرَوّي في خَلقِ الشَّيء ، بَل إِذا أَرادَهُ صارَ عَلى ما يُريدُهُ مِن تَمامِ الحِكمَةِ ، وَاستَقامَ التَّدبيرُ لَهُ بِكَلِمَةٍ واحِدَةٍ ، وقُدرَةٍ قاهِرَةٍ بانَ بِها مِن خَلقِهِ .
ثُمَّ جَعَلَ الأَمرَ وَالنَّهيَ تَمامَ دَعائِمِ المُلكِ ونِهايَتَهُ ، وذلِكَ أَنَّ الأَمرَ وَالنَّهيَ يَقتَضِيانِ الثَّوابَ وَالعِقابَ وَالهَيبَةَ وَالرَّجاءَ وَالخَوفَ ، وبِهِما بَقاءُ الخَلقِ ، وبِهِما يَصِحُّ لَهُمُ المَدحُ وَالذَّمُّ ، ويُعرَفُ المُطيعُ مِنَ العاصي ، ولَو لَم يَكُنِ الأَمرُ وَالنَّهيُ لَم يَكُن لِلمُلكِ بَهاءٌ ۲ ولا نِظامٌ ، ولَبَطَلَ الثَّوابُ وَالعِقابُ ، وكَذلِكَ جَميعُ التَّأويلِ فيما اختارَهُ سُبحانَهُ لِنَفسِهِ مِنَ الأَسماءِ. ۳

۵۱۸۹.عنه عليه السلامـ في بَيانِ مَعنى قَولِ المُؤَذِّنِ «حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ» ـ: أَي هَلُمّوا إِلى خَيرِ أَعمالِكُم ودَعوَةِ رَبِّكُم ، و سارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم ، وإِطفاءِ نارِكُمُ الَّتي أَوقَدتُموها عَلى ظُهورِكُم ، وفِكاكِ رِقابِكُمُ الَّتي رَهَنتُموها بِذُنوبِكُم ، لِيُكَفِّرَ اللّهُ عَنكُم سَيِّئاتِكُم ، ويَغفِرَ لَكُم ذُنوبَكُم ، ويُبَدِّلَ سَيِّئاتِكُم حَسَناتٍ ؛ فَإِنَّهُ مَلِكٌ كَريمٌ ، ذُو الفَضلِ العَظيمِ. ۴

۵۱۹۰.الإمام زين العابدين عليه السلامـ فِي الدُّعاءِ ـ: يا مَن لا تَنتَهي مُدَّةُ مُلكِهِ . ۵

۵۱۹۱.الإمام الباقر عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ الحَقُّ ، وقَولُكَ الحَقُّ ، ووَعدُكَ الحَقُّ ، وأَنتَ مَليكُ الحَقِّ ،

1.النحل : ۴۰ .

2.البَهَاءُ : الحُسْن و الجمال (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۲۰۰)

3.بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۴۱ نقلاً عن رسالة النعماني .

4.التوحيد : ص ۲۳۹ ح ۱ ، معاني الأخبار : ص ۴۰ ح ۱ كلاهما عن يزيد بن الحسن عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۸۴ ص ۱۳۱ ح ۲۴ .

5.الصحيفة السجّاديّة : ص ۳۵ الدعاء ۵ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج5
122

وكما نلاحظ فإنّ كثيرا من مواضع إِطلاق الملك والمالك يمكن أَن يكون عينا ، ويمكن أَن يكون تدبيرا أَيضا ، على سبيل المثال يتيسّر لنا أن نفسّر «ملك النَّاس» بـ«مالك أَعيان النَّاس» لأَنّ اللّه سبحانه مالك أَعيان كلّ شيء بما فيها النَّاس ، ويتيسّر لنا أَيضا أن نفسّره بـ«مالك تدبير النَّاس» ، أو «مالك العطايا» فيتسنّى تفسيره بـ«مالك أَعيان العطايا» وكذلك «مالك تدبير العطايا» ، حتّى في بعض المواضع مثل «يوم الدين» ورد استعمال مالك وملك على حدّ سواء .
والملاحظة المهمّة هي أَنّ ملكيّة التدبير شرط في الملكيّة الحقيقيّة للعين ، ولا تنفصل هاتان الملكيّتان ، ولمّا كان للّه تعالى الملكيّة الحقيقيّة لجميع الموجودات فله أَيضا ملكيّة تدبيرها ، في حين أنّ ملكيّة غيره اعتباريّة سواءٌ كانت ملكيّة عين أَم ملكيّة تدبير ، لذا فإنّهما قابلتان للانفصال ، ويمكن أَن يملك شخص شيئا لكنّ التصرّف فيه غير مأذون له ، أَو يملك تدبير شيء ولا يملك عينه .

62 / 1

صِفَةُ مُلكِهِ وَمالِكِيَّتِهِ

۵۱۸۷.الإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ مالِكٍ غَيرُهُ مَملوكٌ . ۱

۵۱۸۸.عنه عليه السلامـ في أَسمائِهِ تَعالى ـ: أَمّا وَضعُ الأَسماءِ ، فَإِنَّهُ ـ تَبارَكَ وتَعالَى ـ اختارَ لِنَفسِهِ الأَسماءَ الحُسنى فَسَمّى نَفسَهُ : «الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَـمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ»۲ وغَيرَ ذلِكَ ، وكُلُّ اسمٍ يُسَمّى بِهِ فَلِعِلَّةٍ ما ، ولَمّا تَسَمّى بِالمَلِكِ : أَرادَ تَصحيحَ مَعنَى الاِسمِ لِمُقتَضَى الحِكمَةِ ، فَخَلَقَ الخَلقَ وأَمَرَهُم ونَهاهُم لِيَتَحَقَّقَ حَقيقَةَ الاِسمِ ومَعنَى المُلكِ . وَالمُلكُ لَهُ وُجوهٌ أَربَعَةٌ : القُدرَةُ وَالهَيبَةُ وَالسَّطوَةُ وَالأَمرُ وَالنَّهيُ .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۶۵ ، غرر الحكم : ح ۶۸۸۵ وفيه «غير اللّه سبحانه» ، بحار الأنوار : ج ۴ ص ۳۰۸ ح ۳۷ .

2.الحشر : ۲۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج5
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 96541
الصفحه من 382
طباعه  ارسل الي