17
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج5

46 / 1

مَعنى غَيبَتِهِ

۴۹۵۶.الإمام الباقر عليه السلامـ في قَولِ اللّهِ عز و جل :«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»ـ: «هُوَ» اسمٌ مُكَنَّى مُشارٌ إِلى غائِبٍ ، فَالهاءُ تَنبيهٌ عَلى مَعنَى ثابِتٍ ، وَالواوُ إِشارَةٌ إِلَى الغائِبِ عَنِ الحَواسِّ ، كَما أَنَّ قَولَكَ: «هذا» إِشارَةٌ إِلَى الشّاهِدِ عِندَ الحَواسِّ ، وذلِكَ أَنَّ الكُفّارَ نَبَّهوا عَن آلِهَتِهِم بِحَرفِ إِشارَةِ الشّاهِدِ المُدرَكِ ، فَقالوا: هذِهِ آلِهَتُنَا المَحسوسَةُ المُدرَكَةُ بِالأَبصارِ ، فَأَشِر أَنتَ يا مُحَمَّدُ إِلى إِلهِكَ الَّذي تَدعو إِلَيهِ حَتّى نَراهُ ونُدرِكَهُ ولا نَألَهَ فيهِ . فَأَنزَلَ اللّهُ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ : «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» فَالهاءُ تَثبيتٌ لِلثّابِتِ ، وَالواوُ إِشارَةٌ إِلَى الغائِبِ عَن دَركِ الأَبصارِ ولَمسِ الحَواسِّ . ۱

۴۹۵۷.الإمام زين العابدين عليه السلامـ لِجابِرٍ ـ: يا جابِرُ أَوَ تَدري مَا المَعرِفَةُ ؟ المَعرِفَةُ إِثباتُ التَّوحيدِ أَوَّلاً ، ثُمَّ مَعرِفَةُ المَعاني ثانِيا ... أَمّا إِثباتُ التَّوحيدِ : مَعرِفَةُ اللّهِ القَديمِ الغائِبِ الَّذي لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ ، وهُوَ غَيبٌ باطِنٌ سَتُدرِكُهُ ، كَما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ ... . ۲

46 / 2

الغائِبُ الشَّاهِدُ

۴۹۵۸.الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ... أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ، الغائِبُ الشّاهِدُ. ۳

1.التوحيد: ص ۸۸ ح ۱ عن وهب بن وهب القرشي عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار: ج ۳ ص ۲۲۱ ح ۱۲ .

2.بحار الأنوار: ج ۲۶ ص ۱۳ .

3.الكافي: ج ۲ ص ۵۸۳ ح ۱۸ عن عمرو بن أبي المقدام .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج5
16

لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ» 1 ، ومع هذا ورد في بعض الأَحاديث : «واللّهُ تَعالى لَيسَ بِغائِبٍ» 2 ، بل ورد في أَحد الأَحاديث السبب في كون اللّه سبحانه غيرَ غائب ما نصّه: «كَيفَ يَكونُ غائِبا مَن هُوَ مَعَ خَلقِهِ شاهِدٌ وإِلَيهِم أَقرَبُ مِن حَبلِ الوَريدِ يَسمَعُ كَلامَهُم ويَرى أَشخاصَهُم ويَعلَمُ أَسرارَهُم» 3 .
وصفوة القول : إنّ الأَحاديث التي وصفت اللّه بالغيبة تستبين غَيبته عن العيون والحواس، فى حين أَنّ الأَحاديث التي تنفي غيبته سبحانه تنفي غيبته المطلقة، و تثبت حضوره وشهادته، وتقرّر صلته بالإنسان .
بعبارة أُخرى، غَيبته ـ جلّ شأنه ـ لجهةٍ، وشهادته لجهةٍ أُخرى، ولا ينبغي أن نجعل إِحدى الصفتين مطلقةً بشكلٍ لا يبقى فيه مكان للصفة الأُخرى، من هنا نلاحظ أَنّ في الأَحاديث المعهودة ذُكرت صفة «الغائب» أَو غيبة اللّه مثل «الغائب عن الحواس» أَو وردت صفة الغائب مع صفة الشاهد والأَوصاف المشابهة ، مثل: «الغائب الشاهد» و «غائب غير مفقود» .
إِنّنا نعلم أَنّ ضمير «هو» للمفرد الغائب، واستعمل القرآن والأَحاديث هذا الضمير في اللّه ، وذهب بعض المفسّرين إِلى أَنّ هذا الضمير من أَسماء اللّه 4 ، وعلى هذا الأَساس، يعبّر ضمير «هو» عن صفة اللّه بالغيبة، ونقرأَ في بعض الأَحاديث والأَدعية استعمال لفظ «يا هو» في اللّه 5 ، فاجتمع فيه شهادة اللّه وحضوره مع غَيبته .

1.كالسيّد المرتضى في الذريعة إلى أُصول الشريعة ۲ : ۵۱۷ ـ ۵۱۸ . وقال الفخر الرازي في المحصول ۲ : ۱۴۱ : «السابع : اختلفوا في أنّ القرائن هل تدلّ على صدق الخبر أم لا؟ فذهب النظام وإمام الحرمين والغزالي إليه ، والباقون أنكروه» .

2.راجع : ص ۱۷ ح ۴۹۵۶ .

3.راجع : ص ۱۷ ح ۴۹۵۷ .

4.بحار الأنوار : ج ۱۰ ص ۳۴۶ .

5.راجع : ج ۴ ص ۲۹۰ ح ۴۷۵۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج5
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 92982
الصفحه من 382
طباعه  ارسل الي