يَأسَفُ كَأَسَفِنا ، ولكِنَّهُ خَلَقَ أَولياءَ لِنَفسِهِ يَأسَفونَ ويَرضَونَ وهُم مَخلوقونَ مَربوبونَ ، فَجَعَلَ رِضاهُم رِضا نَفسِهِ وسَخَطَهُم سَخَطَ نَفسِهِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمُ الدُّعاةَ إِلَيهِ والأَدِلّاءَ عَلَيهِ ، فَلِذلِكَ صاروا كَذلِكَ ، ولَيسَ أَنَّ ذلِكَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ ما يَصِلُ إِلى خَلقِهِ ، لكِن هذا مَعنى ما قالَ مِن ذلِكَ ، وقَد قالَ : «مَن أَهانَ لي وَلِيّا فَقَد بارَزَني بِالمُحاربَةِ ودَعاني إِلَيها» ، وقالَ : «مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ»۱ ، وقالَ : «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» . ۲
فَكُلُّ هذا وشِبهُهُ عَلى ما ذَكَرتُ لَكَ ، وهكَذَا الرِّضا وَالغَضَبُ وغَيرُهُما مِنَ الأَشياءِ مِمّا يُشاكِلُ ذلِكَ ، ولَو كانَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ الأَسَفُ وَالضَّجَرُ ، وهُوَ الَّذي خَلَقَهُما وأَنشَأَهُما لَجازَ لِقائِلِ هذا أَن يَقولَ : إِنَّ الخالِقَ يَبيدُ يَوما ما ؛ لِأَنَّهُ إِذا دَخَلَهُ الغَضَبُ وَالضَّجَرُ دَخَلَهُ التَّغييرُ ، وإِذا دَخَلَهُ التَّغييرُ لَم يُؤمَن عَلَيهِ الإِبادَةُ ، ثُمَّ لَم يُعرَفِ المُكَوِّنَ مِنَ المُكَوَّنَ ، ولَا القادِرُ مِنَ المَقدورِ عَلَيهِ ، ولا الخالِقُ مِنَ المَخلوقِ ، تَعالَى اللّهُ عَن هذَا القَولِ عُلُوّا كَبيرا . ۳
۵۵۷۳.الكافي عن صفوان بن يحيى :سَأَلَني أَبو قُرَّةَ المُحَدِّثُ أن أُدخِلَهُ عَلى أَبِي الحَسَنِ الرِّضا عليه السلام ، فَاستَأذَنتُهُ فَأَذِنَ لِي ، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ عَنِ الحَلالِ وَالحَرامِ ثُمَّ قالَ لَهُ : أَفَتُقِرُّ أَنَّ اللّهَ مَحمولٌ ؟
فَقالَ أَبُو الحَسَنِ عليه السلام : كُلُّ مَحمولٍ مَفعولٌ بِهِ مُضافٌ إِلى غَيرِهِ مُحتاجٌ ، وَالمَحمولُ اسمُ نَقصٍ فِي اللَّفظ ، وَالحامِلُ فاعِلٌ وهُوَ فِي اللَّفظِ مِدحَةٌ وكَذلِكَ قَولُ القائِلِ : فَوقَ