ج ـ اختصاصها بولاة الأمر
الخصيصة الثالثة الّتي تحفّ ليلة القدر ، أنَّ اللّه سبحانه يُطلع في هذه الليلة أكمل الناس وأفضل بني آدم وأسماهم على صورة تقديره وحكمه ومسار تدبيره للعباد .
فنجد في تفسير القميِّ في ذيل الآية الكريمة : « تَنَزَّلُ الْمَلَئكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا » ما نصّه:
تَنَزَّلُ المَلائِكةُ وروحُ القُدُسِ عَلى إمامِ الزَّمانِ ، ويَدفَعونَ إلَيهِ ما قَد كَتَبوهُ مِن هذِهِ الاُمورِ .۱
هذه العملية وإن كانت لا تنسب إلى المعصوم صراحةً ، إلّا أنّها تعدّ حصيلة لمدلولات ما جاء من روايات في هذا الباب ، وعندئذٍ يمكن القول : إنَّ من خصائص ليلة القدر اختصاصها بالإمام المهدي ـ عجل اللّه تعالى فرجه ـ ، ممّا يعني أنَّ التوسل به عليه السلام في هذه الليلة خاصّة له دوره النافذ في تيسير اُمور الإنسان وفتح الآفاق أمامه ، لما يؤدّي إلى تغيير مصيره باتجاه تحقيق المزيد من المكاسب لسنته الجديدة .
د ـ خير من ألف شهر !
يسجّل القرآن الكريم صراحةً : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » الأمر الّذي يدلّل على الطابع الاستثنائي المتميّز لهذه البرهه الزمنية وما تنطوي عليه من فرادة في بركاتها ، على النحو الّذي يعادل العمل الصالح فيها ؛ العملَ الصالح خلال عمر طويل ينوف على الثمانين عاما !
تجاوبا مع هذا المعنى ، جاء في تفسير الآية ما نصّه :
العَمَلُ الصّالِحُ فيها مِنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وأنواعِ الخَيرِ ، خَيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ لَيسَ فيها لَيلَةُ القَدرِ .۲
وهذا الثراء العريض في بركات هذه اللّيلة وغناها ، هو الّذي يفسّر في الحقيقة حثّ النَّبي والأئمّة وتحريضهم المسلمين على أن ينتفعوا من ليلة القدر لحظة فلحظة ، حتّى نهى النَّبي صلى الله عليه و آله من النوم في اللّيلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان ، وهو الّذي يفسّر أيضا حرص بضعته البتول السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام على ألّا ينام أحد من أهل بيتها في هذه اللّيلة .
أجل ، إنَّ من يعيش نعمة الإيمان بالقرآن ، ويدرك أنَّ العملَ في ليلة واحدة يعادل في بركاته لحياته الخالدة وعطاءاته لتلك الحياة الأبدية ، العملَ خلال عمر طويل ، لا يسعه التفريط بهذه الفرصة الثمينة الغالية والهبة الّتي لا تضاهى .