371
حكم النّبيّ الأعظم ج4

أمّا الرواية الثانية الدالّة على واقعة إيثار الإمام عليّ عليه السلام لضيفه الغريب، فيلاحظ أنّها تحظى بمقبولية نسبية، فقد نسبها أبو الفتوح الرازي في تفسيره إلى شقيق بن سلمة وأسند روايتها إلى عبد اللّه بن مسعود ، وهذان الاثنان ثقة.
ومن القرائن الاُخرى التي تهب الرواية اعتبارا هو نقل صاحب تأويل الآيات الظاهرة لها عن تفسير ابن حجّام ، ونسبتها إلى الصحيح من قبل الطبرسي ؛ ذلك أنّ هذه القرائن تجبُر ضعف طريق الحديث عندما يُضاف إليها نقل الشيخ الطوسي لها في الأمالي، وأبي جعفر القمّي في «الغايات» ، وزيد الزرّاد في الأصل الحديثي المتبقّي عنه، وابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب . ۱
جدير بالذكر أنّ روايات أهل السنّة تجعل أحد موارد تطبيق هذه الآية رجلاً من الأنصار، بيد أنّ أمثال هذه النقول لا تزيد على أنّها رواية واحدة وحسب ؛ لأنّها ترجع بأجمعها إلى فضيل بن غزوان، هذا إذا استثنينا رواية السيوطي وهي مرسلة. وفضيلٌ وإن كان موثّقا في الكتب الرجالية لأهل السنّة، إلّا أنّ ذلك لا يغيّر حقيقة أن كلّ هذه النقول رواية واحدة فحسب. ۲
وعند الانتقال إلى الروايات التي جاءت في الوجهين الرابع والخامس من الوجوه الخمسة المذكورة الناظرة إلى شأن النزول، فيلاحظ أنّها تخلو تماما من أيِّ قيمة سندية .

1.راجع : تفسير أبي الفتوح الرازي : ج ۱۹ ص ۱۲۳ ، تأويل الآيات الظاهرة: ج ۲ ص ۶۷۸ ح ۴ ، مجمع البيان: ج ۹ ص ۳۹۱ ، الأمالي للطوسي : ص ۱۸۵ ح ۳۰۹ ، جامع الأحاديث للقمّي : ص ۱۹۵ ، الاُصول الستّة عشر : ص ۶ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ۲ ص ۷۴ .

2.راجع : صحيح البخاري: ج ۳ ص ۱۳۸۲ ح ۳۵۸۷، صحيح مسلم: ج۳ ص۱۶۲۴ ح۲۰۵۴ ، السنن الكبرى للنسائي: ج۶ ص۴۸۶ ح۱۱۵۸۲ ، سنن الترمذي: ج۵ ص۸۲ ح۳۳۵۹ .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
370

خاتمة آية الإيثار على جميع موارد إيثار الإمام وبقيّة موارد الإيثار الكبرى ووقائعها، وأنّ المقصود من نزول الآية في هذه الموارد هو الجري والتطبيق بواسطة جبرئيل عليه السلام .
على أنّ الحريّ بالانتباه هو الضعف الذي يشوب إسناد الروايات الدالّة على هذه الوجوه، إذ هي لا تحظى بالقوّة والاعتبار الكافيين ما خلا بعض الروايات ذات الصلة بإيثار الإمام عليّ عليه السلام . وبديهي أنّ ضعف السند ليس بمعنى أنّ هذه الروايات موضوعة، ومن ثَمّ فلا يعني ردّها.

تحليل سند الروايات

تحظى الرواية الدالّة على إيثار الإمام عليّ عليه السلام المقداد بن الأسود، بسند معتبر. فجميع الرجال الواقعين في السند موثّقون ما خلا كليب بن معاوية الأسدي، على أنّ كليبا نفسه هو ممّن ترحّم عليه الإمام الصادق عليه السلام ۱ . ثُمَّ إنّ هذا الحديث جاء ذكره في كتاب تأويل الآيات الظاهرة للسيّد شرف الدين عليّ الحسيني الأسترابادي من كبار علماء الشيعة في القرن العاشر الهجري ۲ ، كما جاء ذكره أيضا في تفسير البرهان للسيد هاشم الحسيني البحراني (1107 ه) ۳ . والمصدر الذي استند إليه هذان التفسيران، هو تفسير ابن حجّام ، من مفسّري القرن الرابع ، والذي عدّه النجاشي من الموثّقين جدّا ۴ .
على أنّ هذه الرواية هي ممّا يمكن أن يُعضد بالروايات ۵ التي جاءت بشأن نزول الآية (37) من سورة آل عمران:
«كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ» .

1.رجال الكشّي : ج ۲ ص ۶۳۱ الرقم ۶۲۷ .

2.تأويل الآيات الظاهرة: ج ۲ ص ۶۷۹ ح ۵ .

3.البرهان في تفسير القرآن : ج ۵ ص ۳۴۱ ح ۱۰۶۲۷ .

4.رجال النجاشي: ج ۲ ص ۲۹۵ الرقم ۱۰۳۱ .

5.تفسير العيّاشي: ج ۱ ص ۱۷۱ ح ۴۱ ؛ ذخائر العقبى : ص۹۲ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 207631
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي