127
حكم النّبيّ الأعظم ج4

حياتهم لإرشاد الناس وهدايتهم .
وقد ورد عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال في هذا المجال :
إنَّ اللّهَ تَعالى قَد تَكَفَّلَ لِطالِبِ العِلمِ بِرزقِهِ خاصَّةً عَمّا ضَمِنَهُ لِغَيرِهِ .۱
مَن تَفَقَّهَ في دينِ اللّهِ كَفاهُ اللّهُ هَمَّهُ ورَزَقَهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ . ۲
وفي الحقيقة أنّ هذه الأحاديث أتت مفسّرة لآيات قرآنية كريمة جاء فيها :
مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُو مَخْرَجًا * وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَ مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُو .۳
ولا شكّ أنّ أحد المصاديق البارزة للتقوى والتوكّل هو التفقّه في الدين في سبيل اللّه وفي سبيل خدمة الخلق .
إنّ من يعمل في سبيل تقوية الجانب المعنوي في ذاته ، وينطلق للدراسة والبحث وإرشاد الناس برأسمال التقوى والتوكّل ، فقد ضمن له اللّه أن يأتيه برزقه من حيث لا يحتسب . والتجربة القطعيّة لحملة العلم تؤيّد الحقيقة التي صرّح بها القرآن الكريم والأحاديث الشريفة .

1.منية المريد : ص ۱۶۰ ، الأنوار النعمانيّة : ج ۳ ح ۳۴۱ .

2.جامع بيان العلم : ج ۱ ص ۴۵ وراجع : العلم والحكمة في الكتاب والسنّة : ( القسم الخامس : التعلم / الفصل الثاني : فضل التعلم / تكفل الرزق ) .

3.الطلاق : ۲ و ۳ .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
126

الذاتيّة لشريحة علماء الدين ؛ أي أن يتولّى مدراء الحوزات العلميّة تنظيم الميزانيّة الخاصّة لدراسة وتبليغ العلوم الدينيّة على نحو يوفّر معيشة متوسّطة وكريمة لجميع الدارسين والباحثين والمبلّغين . ولا أشكّ في أنّه مع وجود إدارة صحيحة للأموال الموجودة حاليّا تحت تصرّف علماء الدين ـ الواردة عن طريق الخمس والزكاة والهدايا وغير ذلك ـ فإنّ الحاجات الاقتصاديّة لجميع المنتسبين لهذا القطاع ستكون مؤمّنة بكلّ سهولة .

4 . تقوية الجانب المعنوي

إنّ البعض قد تأخذه الدهشة عندما يسمع بأنّ تقوية الجانب المعنوي تمثّل أحد السبل لتأمين الحاجات الاقتصاديّة ؛ إلّا أنّ العقل والنقل ، والرواية والدراية ، تؤيّد هذا الادّعاء .
وقبل تقديم أيّ توضيح في هذا المعنى لابدّ من الإشارة ـ في ما يخصّ نفقات علماء الدين ـ إلى أنّ قسما من هذا الواجب يقع على عاتق مدراء المراكز الدينيّة والإعلاميّة ، ويقع قسم منه أيضا على عاتق المتصدّين لإرشاد الناس وهدايتهم . أمّا واجب مدراء المراكز الدينيّة ـ كما سبقت الإشارة إليه في السبيل الثالث ـ فهي تنظيم النفقات التي جعلها الإسلام لهذا الأمر ، أمّا ما نحن بصدد بيانه في السبيل الرابع فيخصّ واجب المبلّغ نفسه ، وهذا الواجب لا يتعارض مع واجب مدراء المراكز الدينيّة ، بل يعتبر مكمّلاً له .

ضمان الرزق من اللّه

صرّحت روايات عديدة أنّ الباري تعالى ، علاوةً على ما تكفّل به من رزق كلّ إنسان وكلّ دابّة ۱ ، فإنّه قد أولى عناية خاصّة بضمان رزق أصحاب العلم ومن نذروا

1.«وَ مَا مِن دَآبَّةٍ فِى الْأَرْضِ إِلَا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا» (هود : ۶) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 243644
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي