325
حكم النّبيّ الأعظم ج4

بناءً على ما تقدّم ، فما جاء في تعريف الأدب من أنّ :
الأدب ـ على ما يتحصّل من معناه ـ هو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن يقع عليه الفعل المشروع ، إمّا في الدين ، وإمّا عند العقلاء في مجتمعهم ؛ كآداب الدعاء وآداب ملاقاة الأصدقاء ، وإن شئت قلت : ظرافة الفعل . ۱
لا يصدق على كلّ استعمالات كلمة الأدب ، بل ينطبق على معناها الأوّل والثاني .

2 . أنواع الأدب ومراتبه

إنّ الأدب بمعنى رعاية القيم الأخلاقيّة والشرعيّة في القول والفعل له أنواع ومراتب ، نشرحها فيما يلي بإجمال :

أ ـ الأدب مع النّاس

وهو التعامل اللّائق مع الأفراد والفئات ، مع الأخذ بنظر الاعتبار مكانتهم العائليّة والاجتماعيّة ، وهو بدوره على أنواع : أدب التعامل مع الوالدين ، وأدب التعامل مع الأقارب ، وأدب التعامل مع الجيران والمرافقين ، وأدب التعامل مع الصديق ، وأدب التعامل مع العدوّ ، وأدب التعامل مع العالم ، وأدب التعامل مع أنبياء اللّه وأوصيائهم وأولياء اللّه ، وسيأتي شرح كلّ واحد من هذه الآداب إن شاء اللّه تحت عناوين خاصّة .
إنّ أقلّ مراتب الأدب مع الناس ، اجتناب ما يكره الانسانُ صدورَه من غيره ؛ وكما قال الإمام عليّ عليه السلام في هذا الصدد :
كَفاكَ أدَبا لِنَفسِكَ اجتِنابُ ما تَكرَهُهُ مِن غَيرِكَ.۲

1.الميزان في تفسير القرآن : ج ۶ ص ۲۵۶ ، اُنظر تمام الكلام .

2.نهج البلاغة : الحكمة ۴۱۲ .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
324

به الشّرع ، وكلّ ما حكم به الشّرع حكم به العقل». ۱
وبهذه النظرة تتوحّد الأداب العقليّة والشرعيّة.
الثانية : إن السُّلوك الاجتماعيّ المغاير للشرع ليس له في الواقع قيمة أدبيّة ، إذ لو كان له قيمة أدبيّة فهو ـ كما أشرنا ـ لا يتعارض مع الشريعة ، فإضفاء صفة جماليّة على هذا اللّون من السلوك لا يعدو في الواقع أن يكون انحرافا نفسيّا ، والمبتلون بهذا السلوك هم ـ كما يقول القرآن الكريم ـ : «زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ»۲ .

ج ـ التّربية

قد ترد كلمة الأدب في النصوص الإسلاميّة بمعنى مطلق التربية ، وذلك حين توصف بصفة حسنة أو سيّئة مثل :
بِحُسنِ السِّياسَةِ يَكونُ الأَدَبُ الصّالِحُ. ۳
لا يَزالُ العَبدُ المُؤمِنُ يورِثُ أهلَ بَيتِهِ العِلمَ وَالأَدَبَ الصّالِحَ حَتّى يُدخِلَهُمُ الجَنَّةَ جَميعا ... ولا يَزالُ العَبدُ العاصي يورِثُ أهلَ بَيتِهِ الأدَبَ السَّيِّئَ حَتّى يُدخِلَهُمُ النّارَ جَميعا. ۴
واضح أنّ الأدب باعتباره قيمة من القيم لا يحتاج إلى وصفه بالصالح ، كما لا يمكن وصفه بالسيّئ ، لذلك لابدّ من حمله في هذه الموارد على التربية بمعناها المطلق ، بل لعلّ كلمة الأدب إذا ذُكرت في بعض الموارد بصورة مطلقة إنّما يُراد بها هذا المعنى ، وحذف صفة «صالح» منها من باب جواز حذف ما يُعلم .

1.هذه وجهة نظر طبعا ، وللتعرّف على تفاصيل المسألة راجع كتب اُصول الفقه ، مبحث قاعدة الملازمة بين حكم العقل والشرع .

2.التوبة : ۳۷ .

3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل السادس : آداب التأديب : ح ۹۸۳ ) .

4.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الثالث : مبادئ الأدب : ح ۸۶۸ ) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 243536
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي