351
حكم النّبيّ الأعظم ج4

الاُخرى باليقين. وهذا ما حصل فعلاً وعلى نحو طبيعي بالنسبة لبنية كتاب ميزان الحكمة وتنظيم منهجيته ومحتواه، حيث ابتدأ بـ «الإيثار» وانتهى بـ «اليقين» . ۱
يحظى رسول اللّه وأهل بيته ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ بأرفع مراتب الإيثار وأسماها ؛ لأنّهم أكمل الناس جميعا، ومن ثَمّ فهم الاُسوة للآخرين وهم المثال الأعلى الذي لا يُضارَع في مضمار هذه الصفة الإنسانية والخصلة الإسلامية الكريمة. ۲
وقد اقتفى آثارهم على هذا النهج أصحابهم وأتباعهم الحقيقيون ؛ إذ كان لهم حظّ وافر من هذه الخصلة الحميدة، ۳ حيث يقول الإمام الحسن عليه السلام واصفا جلساء النبيّ صلى الله عليه و آله :
يُوَقِّرونَ الكَبيرَ، ويَرحَمونَ الصَّغيرَ ، ويُؤثِرونَ ذَا الحاجَةِ.۴

2 . أنواع الإيثار

سبق أن أشرنا إلى أنّ الإيثار عبارة عن تقديم الآخرين على النفس في تأمين الاحتياجات والمتطلّبات ، وعلى هذا سيكون للإيثار أنواع كثيرة وأبعاد متعدّدة .
وإنّ ما سنكتفي بذكره من ضروب الإيثار لا يزيد على كونه عدّة من مصاديق لهذا العنوان جاءت في الروايات والنصوص الإسلامية، من دون أن يعني ذلك انحصار هذه الأنواع بهذه الموارد .

1.إشارة إلى العنوان الأوّل والعنوان الأخير من الموسوعة الحديثية «ميزان الحكمة» .

2.راجع: موسوعة ميزان الحكمة : ج ۱ ( الإيثار / الفصل الخامس : الأمثال العليا في الإيثار : إيثار رسول اللّه ، إيثار أهل البيت ) .

3.راجع: موسوعة ميزان الكمة : ج۱ (الإيثار/الفصل الخامس : الأمثال العليا في الإيثار : إيثار الأنصار ، إيثار أبي ذر ، إيثار أصحاب الحسين .

4.معاني الأخبار : ص ۸۳ ح ۱ ، عيون أخبار الرضا: ج ۱ ص ۳۱۸ عن إسماعيل بن محمّد بن إسحاق عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، المناقب للكوفي: ج ۱ ص ۲۵ ح ۱ ، بحار الأنوار: ج ۱۶ ص ۱۵۲ ح ۴ ؛ كنز العمّال :ج ۷ ص ۱۶۶ ح ۱۸۵۳۵.


حكم النّبيّ الأعظم ج4
350

«بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا * وَ الْاخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقَى» . ۱
ما يستدعي الانتباه في استعمال هذا المصطلح للتدليل على قيمة من القيم الأخلاقية، أنّ مطلق تقديم الآخرين وتفضيلهم على النفس في تأمين الاحتياجات والمتطلّبات لا يعدّ بنفسه ذا قيمة حسب الرؤية الإسلامية ؛ لأنّه ترجيح بلا مرجّح، والتقديم في غير محلّه ليس له قيمة كما سيأتي ذكره في آداب الإيثار ، لذلك كلّه اكتسب تعريف الإيثار الإيجابي في مصباح الشريعة الصيغة التالية:
أصل الإِيثارِ تَقديمُ الشَّيءِ بِحَقِّهِ.۲
ينهض هذا القسم بتبيين الإيثار الإيجابي انطلاقا من المنظور القرآني والحديثي ۳ ، ومن ثَمّ فإنّ كلّ ما سيأتي بعد ذلك باعتبار أنّه مدخلٌ لنصوص هذا القسم وخلاصةٌ لها، إنّما يتعاطى مع الإيثار بوصفه قيمة أخلاقية مهمّة.
في هذا السياق تواجهنا العناوين التالية:

1 . قيمة الإيثار

يعدّ الإيثار أحد أبرز الفضائل والقيم الإنسانية حيث نعتته كلمات القادة المعصومين بأوصاف كريمة من قبيل أنّه أسمى مكارم الأخلاق، وأرفع مراتب الإحسان ، وأعلى درجات الإيمان وأفضل عبادةٍ. ۴ وفي ثقافة الإسلام ومعياره : لا يستحقّ أحد من الناس ألقاب الفضيلة والمروءة والفتوّة ويكون بها خليقا، إلّا من تخلّق بهذه الخصلة الكريمة وحظي بها. ۵
ولا غرو ، فإنّ الكمالات الإنسانية تتّصل من جهة بالإيثار وتنتهي من الجهة

1.الأعلى : ۱۶ و ۱۷.

2.مصباح الشريعة : ص ۴۱۵ .

3.ستأتي البحوث ذات الصلة بالإيثار السلبي في الأبواب التي ترتبط بـ «الدنيا» إن شاء اللّه .

4.راجع: موسوعة ميزان الحكمة : ج ۱ ( الإيثار / الفصل الثاني : قيمة الإيثار ) .

5.راجع: موسوعة ميزان الحكمة : ج ۱ ( الإيثار / الفصل الأوّل : الحث على الإيثار : ح ۵ و ۹ و ۱۲ ) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 247821
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي