وضمان حاكمية الإسلام الأصيل في المجتمع.
لذلك لم يكن غريبا ما كتبه الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام من لغة حادّة في رسالة نصيحة بعث بها إلى واحد من هذا النمط من العلماء وهو محمّد بن مسلم الزهري، خاطبه فيها بقوله:
فَلَم يَبلُغ أخَصُّ وُزَرائِهِم ولا أقوى أعوانِهِم ، إلّا دونَ ما بَلَغتَ مِن إصلاحِ فَسادِهِم وَاختِلافِ الخاصَّةِ وَالعامَّةِ إلَيهِم!۱
أ وبعد ذلك يجوز للعقل أن يذعن بأنّ خاتم أنبياء اللّه والحلقة الأخيرة في قافلة المرسلين، الذي أنبأ بأنّ دينه يظهر على الأديان كلّها وتكون له الغلبة على العالَم حتّى قيام الساعة، قد أمر اُمّته أن تلتزم منهاج الصبر والصمت ضدّ الأشخاص الذين استهدفوا الإطاحة بالمرتكز الأساسي والاُسّ الركين الذي تقوم عليه الفلسفة الاجتماعية للديانة متمثّلاً بالقيام بالقسط، ليكون بذلك قد وضع بيده عوامل الانهيار التي تقوّض أركان دينه وتنشب في كيانه أظفار المنية؟ الحقيقة أنّ العكس هو الصحيح، فقد نفى صلى الله عليه و آله انتساب مثل هذه الأحاديث إليه التي تأباها فطرة القلوب وينفر منها الفكر، وبهذا المعيار الراكز حذّر المسلمين من أنّه لا ينطق بمثل هذا الكلام ولا يحدّث بحديث كهذا.
ج ـ التعارض مع القرآن
المعيار الآخر الذي يدخل في تحديد صحّة الحديث المنسوب إلى النبيّ صلى الله عليه و آله ، هو القرآن الكريم.
على ضوء هذا المعيار تبرز نقطة اُخرى في نقد أحاديث الصبر على أثَرة الاُمراء وظلم الحكّام وتقويمها، تتمثّل هذه المرّة في أنّ هذه الأحاديث لا تتعارض مع منطق الفطرة والعقل فحسب، وإنّما هي خلاف النصّ القرآني الصريح أيضا، هذا النصّ الذي يسجّل دون مراء بأنّ الفلسفة التي تكمن وراء بعث جميع الأنبياء الإلهيين هي القيام بالقسط وبسط