593
حكم النّبيّ الأعظم ج4

سَيَكونُ عَلَيكُم أئِمَّةٌ يَملِكونَ أرزاقَكُم ، يُحَدِّثونَكُم فَيَكذِبونَكُم، ويَعمَلونَ ويُسيؤونَ العَمَلَ، لا يَرضَونَ مِنكُم حَتّى تُحَسِّنوا قَبيحَهُم وتُصَدِّقوا كَذِبَهُم، فَأَعطوهُمُ الحَقَّ ما رَضوا بِهِ ، فَإِذا تَجاوَزوا فَمَن قُتِلَ عَلى ذلِكَ فَهُوَ شَهيدٌ. 1 3 . عن ابن عبّاس : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
سَيَكونُ اُمَراءُ تَعرِفونَ وتُنكِرونَ ؛ فَمَن نابَذَهُم نَجا، ومَنِ اعتَزَلَهُم سَلِمَ ، ومَن خالَطَهُم هَلَكَ. 2

ردّ على تبرير

قد يقال في تبرير أحاديث الصبر على الاستئثار بحملها على التقية، وعدم القدرة على ممارسة النهي عن المنكر، وعدم التمكّن من مواجهة الظلم الصادر عن الولاة والحكّام، ومن ثَمّ يستنتج بأنّه لا سبيل إلى ردّها على نحو قطعي .
يمكن الجواب على هذا التبرير، بالنقاط التالية:
أولاً: لقد جاءت أحاديث الصبر على الاستئثار مطلقة، ولهذا لم تأت فتاوى الفقهاء الذين آمنوا بها مقيّدة بعدم القدرة كما مرّت نصوصها سلفا، وإنّما أفتى هؤلاء بحرمة القيام بوجه أئمّة الجور مطلقا، وذهبوا إلى عدم مناجزة هؤلاء الحكّام على كلّ حال.
ثانيا: تكتسب أحكام التقية معناها في نطاق موضوعها فحسب، على حين نجد أنّ الأحاديث المذكورة تنهى المسلمين عن المواجهة حتّى قيام الساعة.
ثالثا: إنّما تكون التقية مشروعة للحفاظ على أساس الدين وأصله، أمّا في المواطن التي تهدّد فيها التقية أصل الدين وأساسه وفلسفته فهي حرام،

1.المعجم الكبير: ج ۲۲ ص ۳۶۲ ح ۹۱۰ .

2.المعجم الكبير: ج ۱۱ ص ۳۳ ح ۱۰۹۷۳ .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
592

العدل، حيث يقول :
«لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَـتِ وَ أَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَـبَ وَ الْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ» . ۱
فلا مراء في أنّ الأحاديث التي تأمر بالصبر على الاستئثار والإذعان للجور تتعارض مع هذه الآية الكريمة، وكذلك مع جميع الآيات التي يحثّ بها القرآن المسلمين على مواجهة الظلم، ويدعوهم إلى ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإلى القيام بالقسط وبسط العدل.

د ـ التعارض مع أحاديث مواجهة أئمّة الجور

من النقاط الاُخرى التي تصطفّ إلى جوار ما سبقها في تحليل أحاديث الصبر على الاستئثار وتقويمها، تعارضها مع أحاديث نبوية أمر فيها النبيّ صلى الله عليه و آله صراحة بمواجهة أئمّة الجور ودعا إلى منابذة الحكّام الظلمة ومقاومتهم، كما تُومِئ إليه الأمثلة التالية:
1 . عن معاذ بن جبل : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول :
خُذُوا العَطاءَ ما دامَ عَطاءً فَإِذا صارَ رِشوَةً فِي الدّينِ فَلا تَأخُذوهُ ، ولَستُم بِتارِكيهِ يَمنَعُكُمُ الفَقرَ وَالحاجَةَ ، ألا إنَّ رَحَى الإِسلامِ دائِرَةٌ فَدوروا مَعَ الكِتابِ حَيثُ دارَ، ألا إنَّ الكِتابَ وَالسُّلطانَ سَيَفتَرِقانِ فَلا تُفارِقُوا الكِتابَ ، ألا إنَّهُ سَيَكونُ عَلَيكُم اُمَراءُ يَقضونَ لِأَنفُسِهِم ما لا يَقضونَ لَكُم، إن عَصَيتُموهُم قَتَلوكُم وإن أطَعتُموهُم أضَلّوكُم ، قالوا: يا رَسولَ اللّهِ ، كَيفَ نَصنَعُ؟ قالَ : كَما صَنَعَ أصحابُ عيسَى بنِ مَريَمَ نُشِروا بِالمَناشيرِ وحُمِلوا عَلَى الخَشَبِ ، مَوتٌ في طاعَةِ اللّهِ خَيرٌ مِن حَياةٍ في مَعصِيَةِ اللّهِ. 2
2 . عن أبي سلالة ، عنه صلى الله عليه و آله :

1.الحديد : ۲۵ .

2.المعجم الكبير: ج ۲۰ ص ۹۰ ح ۱۷۲ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 216962
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي