611
حكم النّبيّ الأعظم ج4

والأشرار ۱ ، والمسلم من لا يفكّر في إيذاء نملةٍ فضلاً عن غيرها ۲ .
من هنا ، فالنتيجة الهامّة الّتي نستشفّها من روايات هذا الفصل هي أنّ الذين يتّسمون بالإسلام هم مسلمون بمقدار اهتمامهم برعاية حقوق الآخرين ، ويزداد الفرد بُعدا عن الإسلام كلّما ازداد للآخرين أذىً .

2 . سبب الاهتمام الفائق باجتناب الأذى

لقد أشرنا في الفصل الثاني إلى جانب من أسباب الاهتمام الإسلاميّ الشديد باجتناب الأذى ، وأهمّها : إزالة العداوة والبغضاء ، وتغيير الأعداء إلى أصدقاء ، وإحلال مشاعر العزّة والشرف والكرامة بين الناس ، ثمّ توفير الحياة الهانئة في هذا الشوط القصير من الحياة الدنيا ، والسعادة والفلاح في دار الخلود في الآخرة ، ومن هنا عدّ الأئمّة عليهم السلام اجتناب الأذى من الحزم وبُعد الرؤية والتعقّل ۳ .

3 . ذمّ أنواع الإيذاء

إنّ مطلق ألوان الإيذاء مذموم ومحظور في الإسلام ؛ لكونه عدوانا على حقوق الآخرين ، ففي الفصل الثالث تبيّن الروايات الإسلاميّة بوضوح أنّ أيّ ممارسة تبعث الخوف في المسلم ، وأيّ نظرة مؤذية ، ومزاح مؤذٍ ، وكلام مؤلم ، ورائحة مؤذية ، بل حتّى أيّ عبادة تؤدّي إلى أذى الآخرين ، فهي في نظر الإسلام مذمومة وممنوعة ، فليس هناك دون شكّ أيّ مدرسة كهذه المدرسة الإلهيّة في تشديدها على حرمة

1.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الإيذاء / الفصل الأوّل : ذمّ الإيذاء : الإيذاء عادة الأشرار ) .

2.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الإيذاء / الفصل الثاني : فضل كفّ الأذى وما فيه من الحكمة والبركة : ح ۱۲۷۵ ) .

3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الإيذاء / الفصل الثاني : فضل كفّ الأذى وما فيه من الحكمة والبركة : ح ۱۲۶۹ و ۱۲۶۶ و ۱۲۸۳ ) .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
610

وقد تأتي بمعنى تحمّل العناء في سبيل أداء الواجب ، كقوله سبحانه :
« فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـرِهِمْ وَأُوذُواْ فِى سَبِيلِى» . ۱
وأحيانا بمعنى معاناة الألم الطبيعي ، كقوله تعالى :
«وَيَسْـئلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً»۲ ، و «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِّن رَّأْسِهِ» . ۳
وما نتناوله هنا تحت عنوان : «الإيذاء» إنّما هو بالمعنى الأوّل ؛ أي الإضرار بالآخرين ، والمعنى الثالث ؛ أي تحمّل العناء في سبيل أداء الواجب . وأبرز ما في هذا الفصل ما يلي :

1 . أوضح سمات المسلم

إنّ أبرز معالم السلوك الإسلامي رعاية حقوق الآخرين واجتناب إيذائهم ، وهذا السلوك هو من الأهمّية بمكان بحيث لا يكون الفرد مسلما بدونه ، وفي هذا المجال يقول رسول اللّه صلى الله عليه و آله بكلّ وضوح :
المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن يَدِهِ ولِسانِهِ .۴
إنّ هذا التعريف للإنسان المسلم يوضّح أنّ الشّارع قد قرّر أنّ رعاية حقوق النّاسِ واجتناب أذاهم أوّل شروط الدخول في الإسلام ، وقد سمّى أتباعَ هذا الدّين «مسلمين» لهذه الميزة .
إنّ الأحاديث الإسلاميّة ترى أنّ إيذاء الآخرين من خصائص الأفراد المنحطّين

1.آل عمران : ۱۹۵ .

2.البقرة : ۲۲۲ .

3.البقرة : ۱۹۶ .

4.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ (الإيذاء / الفصل الأوّل : ذم الإيذاء : ح ۱۲۵۱ ) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 216949
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي