37
حكم النّبيّ الأعظم ج3

لا يمكنهم أن يطمئنّوا بعقائدهم الدينيّة .

3 . التلازم بين الإعراض عن أهل البيت عليهم السلام والإعراض عن القرآن

إنّ حديث الثّقلين هو ـ في الحقيقة ـ الوصيّة السياسيّة الإلهيّة لرسول اللّه ، فقد كان صلى الله عليه و آله يعلم جيّدا أنّ من غير الممكن من الناحية العمليّة الفصل بين مرجعيّة أهل البيت عليهم السلام العلميّة وزعامتهم السياسيّة ، فلمّا لم تكن قيادة الاُمّة لهم ، لم يكن بإمكان المجتمع الإسلامي والعالم الانتفاع من بحر علم أهل البيت اللامحدود بالنحو المطلوب . ولذلك فإنّ حديث الثّقلين يحمل للاُمّة الإسلاميّة رسالة سياسيّة إلهيّة هامّة ، هي التلاحم المصيري بين القرآن والعترة ، وبعبارة اُخرى : فإنّ القرآن ـ الّذي يمثّل رسالة التكامل المادّي والمعنوي للإنسان ـ لا يمكن أن ينفصل عن العترة الّتي تحفظ هذه الرسالة ، وتواصل نهج السنّة النبويّة . وباختصار فإنّ الدين لا ينفصل عن السياسة ، وإن هجر كلّ منهما في المجتمع الإسلامي يعني هجر الآخر .
ويشير الإمام الخميني قدس سره في بداية وصيّته القيّمة ـ المستلهمة من وصيّة النبيّ صلى الله عليه و آله السياسيّة الإلهيّة ـ في شرح حديث الثّقلين إلى هذه الملاحظة المهمّة قائلاً :
لعلّ قوله : «لَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ» إشارة إلى أنّ كلّ ما يجري على أحد هذين الثّقلين بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، يجري على الآخر ، وأنّ هجر أي منهما يعني هجر الآخر .۱
لقد أثبت التاريخ السياسي للإسلام بوضوح ـ وكما كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد تنبّأ به ـ أنّ من غير الممكن تحقيق أحكام القرآن في المجتمع بدون القيادة السياسيّة لأهل

1.صحيفة الإمام : ج ۲۱ ص ۳۹۴ .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
36

2 . المرجعية العلميّة لأهل البيت عليهم السلام

تمثّل المرجعية العلميّة لأهل البيت ثاني رسالة واضحة لحديث الثّقلين إلى الاُمّة الإسلاميّة ، ومعادلة أهل البيت للقرآن وعصمتهم العلميّة تكفيان لإثبات هذه الرسالة . وهذا يعني أن لا أحد ـ سوى أهل البيت ـ بإمكانه أن يبيّن حقائق القرآن للناس ويبيّن لهم المعارف الأصيلة للإسلام ، كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام :
إنَّ اللّهَ عَلَّمَ نَبِيَّهُ التَنزيلَ وَالتَّأويلَ ، فَعَلَّمَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلِيَّا عليه السلام ، قالَ : وعَلَّمَنا وَاللّهِ .۱
إنّ جميع الأحاديث الّتي تؤكّد على المكانة العلميّة لأهل البيت ، كالأحاديث الّتي تصفهم بأنّهم خزنة العلم الإلهي ، أو ورثة علم الأنبياء ، أو تعتبر كلامهم كلام رسول اللّه ۲ ، هي في الحقيقة بيان لهذه الرسالة ، وتأكيد على المرجعيّة العلميّة لأهل البيت .
ومن الملفت للنظر أنّ الإشارة إلى المكانة العلميّة لأهل البيت وردت في بعض روايات حديث الثّقلين أيضا . ۳
بالإضافة إلى ذلك فإنّ حديث الثّقلين يبيّن بصراحة المرجعيّة العلميّة لأهل البيت عليهم السلام إلى جانب القرآن قائلاً :
إنِّي تارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ ما إن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا ؛ كِتابَ اللّهِ وعِترَتي أهلَ بَيتي .
وهذا يعني أنّ مرجعيّة أهل البيت عليهم السلام العلميّة إلى جانب القرآن تستوجب عصمتهم من الضلال في القضايا الدينية ، وأنّ الّذين لا يذعنون بمرجعيّتهم العلميّة

1.الكافي : ج ۷ ص ۴۴۲ ح ۱۵ ، تهذيب الأحكام : ج ۸ ص ۲۸۶ ح ۱۰۵۲ .

2.راجع : أهل البيت في الكتاب والسنّة : (القسم الرابع / الفصل الأوّل : خصائصهم في العلم) .

3.«إنّي تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا ، كتاب اللّه وأهل بيتي عترتي . أيّها الناس ، اسمعوا وقد بلغت أنّكم سترِدون عليّ الحوض ، فأسألكم عمّا فعلتم في الثّقلين ، والثقلان كتاب اللّه جلّ ذكره وأهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم» (الكافي : ج ۱ ص ۲۹۴ ح ۳) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 168020
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي