39
حكم النّبيّ الأعظم ج3

أئمّة أهل البيت عليهم السلام سيبقى على قيد الحياة حتّى القيامة ، وسيكون إلى جانب القرآن .
وتوجد في نصّ حديث الثّقلين ثلاث قرائن تدلّ بوضوح على هذا الادّعاء :
أ ـ جملة «إنِّي تارِكٌ فيكُم الثَّقَلَينِ» ، فلا شكّ في أنّ هذا الخطاب لا يختصّ بأصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله ، بل يشمل جميع الاُمّة الإسلامية حتّى يوم القيامة ؛ وإلّا ستكون عبارتا «لَن تَضِلُّوا» و «حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ» عديمتي المعنى .
وبناءً على ذلك فإنّ واحدا من أهل البيت يجب أن يكون حيّا حتّى القيامة ؛ كي تكون جملة «إنِّي تارِكٌ ....» صادقة .
ب ـ عبارة «إن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا» قرينة اُخرى على استمرار إمامة واحدٍ من أهل البيت عليهم السلام بشكلٍ دائمي ، فلو لم يكن أحدهم باقيا إلى جانب القرآن إلى يوم القيامة لكان وجوب استمرار التمسّك بأهل البيت عليهم السلام ضربا من العبث .
ج ـ تدلّ جملة «لَن يَفتَرِقا حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ» ـ بالإضافة إلى الجملتين السابقتين ـ على أنّ نفس الأشخاص الّذين خلّفهم النبيّ صلى الله عليه و آله بين الاُمّة ، وأوصى بالتمسّك بهم لن ينفصلوا عن القرآن إلى يوم القيامة .

ردّ على شبهة

من الممكن أن يقال : قد نُقل تعبير مشابه للمذكور بشأن الإمام عليّ عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه و آله : «عَليٌّ مَعَ القُرآنِ وَالقُرآنُ مَعَ عَليٍّ ، لَن يَتَفَرَّقا حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ»۱. أو «عَلِيٌّ مَعَ الحَقِّ وَالحَقُّ مَعَهُ ، لا يَفتَرِقانِ حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ»۲ ، وعلى هذا ، فإن كان الاستظهار

1.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۱۳۴ ح ۴۶۲۸ ، المعجم الأوسط : ج ۵ ص ۱۳۵ ح ۴۸۸۰، المعجم الصغير : ج ۱ ص ۲۵۵ ح ۷۰۵ ، كنز العمّال : ج ۱۱ ص ۶۰۳ ح ۳۲۹۱۲ ؛ الأمالي للطوسي : ص ۴۶۰ ح ۱۰۲۸ ، الطرائف : ص ۱۰۳ ح ۱۵۲ ، الصراط المستقيم : ج ۳ ص ۱۶۳ ، كشف الغمّة : ج ۱ ص ۱۴۸ .

2.الخصال : ص ۴۹۶ ح ۵ ، الأمالي للصدوق : ص ۱۵۰ ح ۱۴۶ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج۳ ص۶۲ ، الطرائف : ص۱۰۳ ح۱۵۰ ، الصراط المستقيم : ج۱ ص۲۷۵؛ تاريخ بغداد : ج ۱۴ ص ۳۲۱ الرقم ۷۶۴۳ ، تاريخ دمشق : ج ۴۲ ص ۴۴۹ ح ۹۰۲۵ .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
38

البيت ، بل إنّ فصل أهل البيت عن القرآن رغم إقامة حروف هذا الكتاب السماوي هيّأ الأرضيّة لتضييع حدوده في المجتمع الإسلامي . ۱

سابعا : دلالة الحديث على إمامة الإمام المهدي عليه السلام

من أوضح رسالات حديث الثّقلين هي بقاء أهل البيت حتّى يوم القيامة ، فلو لم يكن آل النبيّ عليهم السلام باقين حتّى القيامة ، لما كان هناك من معنى للوصيّة بالتمسّك بهم حتّى يوم الدين . ۲
ولإيضاح هذه الرسالة نرى من الضروري بيان ثلاث اُمور :

1 . غيبة الإمام المهدي عليه السلام

إنّ حديث الثّقلين هو في الحقيقة أحد أدلّة إمامة الإمام المهدي عليه السلام وغيبته ، ومن الممكن إثبات هذا الادّعاء بمقدّمتين :

المقدّمة الاُولى :

استنادا إلى هذا الحديث فإنّه كما سيبقى نصّ القرآن حتّى يوم القيامة ، فإنّ أحد

1.كما ذكر الإمام الخميني في وصيّته السياسية الإلهية : «لقد اتّخذ الجبابرة والطواغيت القرآن الكريم وسيلة لإقامة حكومات مناهضة للقرآن ، وأقصوا المفسّرين الحقيقيين للقرآن والعارفين بالحقائق الّذين كانوا قد أدركوا القرآن برمته من النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله ، وكان نداء «إنّي تارك فيكم الثّقلين» في أسماعهم ، وذلك بذرائع مختلفة ومؤامرات مخطّط لها مسبقا ، وفي الحقيقة فإنّهم أقصوا القرآن من الساحة ، القرآن الّذي كان وما يزال أكبر نهج للحياة المادّية والمعنوية ، وأبطلوا حكومة العدل الإلهي الّتي كانت وما تزال أحد أهداف هذا الكتاب المقدّس (صحيفة الإمام ، ج ۲۱ ص ۳۹۴) .

2.وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض كما يأتي ويشهد لذلك الخبر السابق : «في كلّ خلف من اُمّتي عدول من أهل بيتي...» إلى آخره . ثمّ أحقّ من يتمسّك به منهم إمامهم وعالمهم عليّ بن أبي طالب كرم اللّه وجهه لما قدّمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته ، ومن ثمّ قال أبوبكر: «عليّ عترة رسول اللّه » صلى الله عليه و آله أي الذين حثّ على التمسّك بهم ، فخصّه لما قلنا ، وكذلك خصّه صلى الله عليه و آله بما مرّ يوم غدير خم (الصواعق المحرقة : ص ۱۵۱) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 168069
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي