41
حكم النّبيّ الأعظم ج3

سيكون القرآن منفصلاً عن العترة ، وما هو إلّا الإمام المهدي عليه السلام .

2 . المُراد من التمسّك بأهل البيت عليهم السلام

أكّد رسول اللّه صلى الله عليه و آله في أحاديث كثيرة بالإضافة إلى حديث الثّقلين ۱ على التمسّك بأهل البيت من بعده . ولا شكّ في أنّ معنى التمسّك بالنبيّ ـ وهو على قيد الحياة ـ اتّباعه دينيّا وسياسيّا ، وبناءً على ذلك فإنّ وجوب التمسّك بأهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله بعده يدلّ أيضا بوضوح على مرجعيتهم الدينيّة والسياسيّة ، ووجوب اتّباعهم ، وبالطبع فإنّ التمسّك والتبعيّة الدينيّة والسياسيّة فيما يتعلّق بالإمام الحاضر والإمام الغائب مختلفتان كما سنوضّح ذلك .

3 . كيفية التمسّك بالإمام الغائب عليه السلام

اتّضح لنا حتّى الآن وبالاستناد إلى حديث الثّقلين أنّ أحد أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله باقٍ حتّى القيامة ، وأنّ التمسّك بهم في الدين والسياسة واجب ، ولكنّ المسألة المهمّة هي كيف يمكن للمجتمع المسلم أن يتمسّك بإمامٍ غائب؟
يتّضح من خلال قليل من التأمّل أنّ التمسّك بالإمام الغائب يعني اتّباع نوّابه الخاصّين والعامّين ، والتبليغ لمذهب أهل البيت عليهم السلام ونشره ، ومحاربة موانع ظهوره ، والسعي من أجل الربط بين القرآن والعترة والدين والسياسة ، وأخيرا تهيئة الأرضيّات الثقافيّة والسياسيّة والاقتصاديّة لحكومة الإسلام العالمية بقيادة أهل البيت عليهم السلام ، وهي مهمّة بالغة الصعوبة ، حيث روي عن الإمام الصادق عليه السلام في هذا المجال :
إنَّ لِصاحِبِ هذا الأمرِ غَيبَةً ، المُتَمَسِّكُ فيها بِدينِهِ كَالخارِطِ لِلقَتادِ .۲

1.راجع : أهل البيت في الكتاب والسنّة : (القسم الثامن / الفصل الثالث : عناوين حقوقهم / التمسك) .

2.الكافي : ج ۱ ص ۳۳۵ ح ۱ ، كمال الدين : ص ۳۴۶ ح ۳۴ ، الغيبة للنعماني : ص ۱۶۹ ح ۱۱ ، الغيبة للطوسي : ص ۴۵۵ ح ۴۶۵ ، بحارالأنوار : ج ۵۲ ص ۱۱۱ ح ۲۱ .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
40

والاستدلال بحديث الثّقلين لإثبات استمرار أهل البيت عليهم السلام صحيحا وجب أن نقول ـ حسب هذين الحديثين ـ إنّ الإمام عليّا عليه السلام حيّ حتّى القيامة .
وللإجابة على هذه الشبهة نقول : إنّ قياس هذين الحديثين مع حديث الثّقلين ، قياس مع الفارق ؛ لأنّ عبارة «لَن يَفتَرِقا» في حديث الثّقلين مسبوقة بجملتي «إنِّي تارِكٌ....» و «إن تَمَسَّكتُم ...» ، ولا توجد هاتان الجملتان ـ اللتان تمثلان قرينتين واضحتين على استمرار إمامة أهل البيت ـ في الحديثين المذكورين .
وبعبارةٍ اُخرى ، إذا طُرح الترابط بين الإمام وبين القرآن والحقّ إلى جانب الخلافة وضرورة التمسّك بالخليفة ، فإنّ ذلك يتضمّن معنىً واحدا ، وإن طُرح بدونه فإنّه سيتضمّن معنىً آخر ، وقد جاء الترابط بين أهل البيت والقرآن في حديث الثّقلين مقارنا لخلافة أهل البيت والقرآن لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ووجوب التمسّك بهما حتّى القيامة ، ولذلك فإنّ فيه دلالة على استمرار حياة واحد من أهل البيت إلى يوم القيامة .
وأمّا الترابط بين الإمام عليّ عليه السلام وبين القرآن والحقّ حتّى القيامة ـ في الحديثين المشار إليهما ـ فلم يقترن بخلافته ووجوب التمسّك به إلى يوم القيامة ، ولذلك فإنّ الترابط المذكور ليس في الحقيقة سوى عدم انفصاله القطعي عن مسار القرآن والحقّ .

المقدمّة الثانية :

بقاء إمام من أهل البيت عليهم السلام إلى جانب القرآن أعمّ من حضوره وغيبته .
نظرا إلى عدم وجود إمام حاضر وظاهر بعد الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام حتّى اليوم ، فإنّ الحديث يقتضي وجود إمام غائب من أهل البيت ؛ إذ في غير هذه الحالة

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 168240
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي