45
حكم النّبيّ الأعظم ج3

ج ـ من الاحتمالات الّتي تبدو قويّة للغاية هي أنّ تسلّط بني اُميّة وبني العبّاس وحكمهم الطويل أدّى إلى أن يكون نقل الحديث في بيان فضائل أهل البيت والعترة صعبا وعسيرا للغاية . فمن الطبيعي أنّ يكون نقل حديث بهذه الصراحة غير ممكن في ظلّ تلك الظروف الخطيرة ، لأنّ من شأنه أن يتمخّض عن تبعات خطيرة ، ويتّجه البعض إلى النقل بالمعنى حسب تصوّرهم ؛ فيغيّروا لفظ «العترة» إلى «السنّة» ؛ كي ينعموا بحياة مطمئنّة .
خاصّةً وأنّ الراوي لموضوع البحث ـ إسماعيل بن أبي أويس ـ الذي صرّح بأنّه كان ينتحل الحديث في حالات اختلاف أهل المدينة .
د ـ إنّ الاحتمال المخالف للرأي السابق ـ أي أنّ لفظ الحديث الأصلي هو «كِتابَ اللّهِ وسُنَّتي» ونقلت هذه العبارة بالمعنى هكذا : «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي» مستبعد للغاية ، ولا يمكن الأخذ به ؛ ففي ظلّ الأجواء الّتي كانت سائدة في ذلك العصر لم يكن هناك أحد يمتلك الدافع للنقل بمثل هذا المعنى الّذي كان يشكّل خطورة كبيرة على الناقل .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
44

وذكر الاعتصام بالسنّة في هذه الخطبة غريب ويحتاج إليها» . ۱
واستنادا إلى ذلك فإنّ الرواية المذكورة لحديث الثّقلين غير معتبرة ، ولا يمكن أن تحلّ محلّ الرواية المشهورة له والتي فيها «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي» .
د ـ جاء في بعض أحاديث الشيعة تعبير «كِتابَ اللّهِ وسُنَّتي» بدلاً من «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي» ؛ فقد نقل الشيخ الصدوق رحمه الله في كتاب كمال الدين ـ بعد نقل الرواية المشهورة لحديث الثّقلين ـ هذا النصّ عن أبي هريرة ۲ . ولكن سنده ضعيف ، ومن المحتمل أنّ الشيخ الصدوق رحمه الله ذكر هذه الرواية للإشارة إلى الاختلاف المذكور ؛ ذلك لأنّ نقله لهذه الرواية لا ينسجم مع هدفه من تأليف كتاب كمال الدين ، وكذلك مع عنوان الباب وهو «اتّصال الوصية من لدن آدم عليه السلام » .
ومن المفيد أن نلفت الانتباه إلى بضع ملاحظات في ختام البحث :
أ ـ إنّ الكلام السابق لا يعني نفي حجّية سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله ؛ لأنّ الأدلّة القرآنيّة الروائيّة والعقليّة لحجّية سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله تبلغ من الإحكام والقوّة درجة تنفي احتمال عدم اعتبارها وحجّيتها . وبناء على ذلك فإنّ إنكار عدم صدور هذه الرواية لا يعني إنكار سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله .
ب ـ اقتران وجوب التمسّك بالعترة بحجيّة الكتاب والسنّة إنّما يدلّ على أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يريد أن يبيّن أنّ هداية القرآن والسنّة تتيسّر من خلال التمسّك بالعترة . ومن الممكن أن تكون هناك قراءات مختلفة للسنّة كما توجد في الاتّجاهات الشيعية والسنّية المختلفة ، ولكن الرواية الوحيدة الّتي تعتبر حجّة بشأن سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله هي الّتي تصلنا عن طريق العترة ، وهذا المعنى يتضمّن التلازم بين العترة والسنّة .

1.المستدرك على الصحيحين : ج ۱ ص ۱۷۲ ح ۳۱۸ .

2.راجع : كمال الدين : ص ۲۳۵ ح ۴۷ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 203348
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي