لكان كلام اللّه تعالى فُسِّر في أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله بشكل آخر غدًا . من هنا ، لم يدعُ صلى الله عليه و آله زوجته إلى تناول الطعام استثناءً .
نزل جبريل الأمين عليه السلام بهذه الآية :
«إنَّما يُريدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البَيتِ ويُطَهِّرَكُم تَطهيرًا»
فمدّ النبيّ صلى الله عليه و آله الكساء الخيبريّ على صهره ، وَابنته ، وولديه ، وأومأ بيده اليمنى إلى ربّه ، فقال : «هؤُلاءِ أهلُ البَيتِ ، فَأَذهِب عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهِّرهُم تَطهيرًا» .
وفي رواية اُخرى : «اللّهُمَّ هؤلاءِ أهلُ بَيتي وخاصَّتي ، اللّهُمَّ أذهِب عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهِّرهُم تَطهيرًا» .
وفي رواية اُخرى : «اللّهُمَّ هؤُلاءِ آلُ مُحَمَّدٍ ، فَاجعَل صَلَواتِكَ وبَرَكاتِكَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ» .
إلى هنا كانت اُمّ سلمة قرب الحجرة ، وهي تشهد هذا الحدث النورانيّ المعنويّ بشكلٍ من الأشكال ، فلم يُطاوعها قلبها ، فتقدّمت ورفعت جانبًا من الكساء لعلّها تستمتع بهذه الأجواء النورانيّة ، لكنّ النبيّ صلى الله عليه و آله جرّ الكساء من يدها ، ومنعها من الدخول في أجواء أهل بيته القرآنيّة .
ويبدو أنّ اُمّ سلمة قد ساءها ذلك فقالت : ألست من أهل البيت ؟ فقال لها رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «إنَّكِ إلى خَيرٍ ، إنَّكِ مِن أزواجِ رَسولِ اللّهِ» .
3 ـ جوّ الحادثة
إذا تأمّلنا في حادثة الكساء والأحاديث الواردة فيها ، تبيّن لنا بجلاء أنّ هذه الحادثة ليست كما تصوّرها بعض الكتّاب بأنّها حادثة عاديّة اكتسبت شأنًا فيما بعد ؛ بل هي حادثة تُعدّ من أخصّ الحوادث في تاريخ السيرة النبويّة في سياق التعريف بأئمّة المجتمع الإسلاميّ وقادته في المستقبل ، ويعود ذلك إلى الجوّ الخاصّ للحادثة