59
حكم النّبيّ الأعظم ج3

5 ـ كلام حول ما اشتهر بحديث الكساء

استبان إلى هنا أنّ حديث الكساء قطعي لا يقبل الشكّ والترديد ، كما مرّ بنا . وهو يعبّر عن واحدة من أهمّ خصائص أهل البيت النبويّ الكريم . ونريد بها خاصّيّة الطهارة والعصمة . لكن شاع أخيرًا حديث يحمل عنوان حديث الكساء ، وهو واهٍ لا أساس له . وكان المحدّث القمّي رضوان اللّه تعالى عليه أوّل من نبّه على ضعفه.
ومن الجدير بالذكر أنّه لم يُجز لأحد أن يزيد على كتابه (مفاتيح الجنان) شيئًا ، ودعا على من يقوم بذلك ۱ ، لكن نلاحظ أنّ الحديث المذكور قد اُضيف إليه !
والأدلّة على ضعف هذا الحديث كثيرة ، نُشير فيما يأتي إلى بعضها :
1 : لم يَرد هذا الحديث في أيّ كتابٍ من الكتب المعتبرة للفريقين ، بما فيها الكتب التي تعمد إلى جمع الأحاديث المنسوبة إلى أهل البيت عليهم السلام كبحار الأنوار .
قال المحدّث القمّيّ في كتاب (منتهى الآمال) حول الحديث الشائع ، بعد أن أثبت تواتر حديث الكساء :
«أمّا الحديث المعروف بحديث الكساء الشائع في عصرنا بهذا الشكل فلم يُلحظ في الكتب المعتبرة المعروفة واُصول الحديث والمجامع المتقنة للمحدّثين . وجاز لنا أن نقول : إنّه من خصائص كتاب (المنتخب)» . ۲
2 : إنّ أوّل كتاب ـ فيما نعلم ـ نقل هذا الحديث بلا سند ـ كما أشار إليه المحدّث القمّي ـ هو كتاب «المنتخب» ۳ . وهذا يعني أنّ الحديث المذكور لا يلاحظ له أثر في

1.راجع: مفاتيح الجنان : (مقدّمة الملحقات) .

2.منتهى الآمال : ج۱ ص۵۲۷ .

3.للشيخ فخرالدين محمّد بن عليّ بن أحمد طريح المسلميّ الأسديّ الرماحيّ النجفيّ المعروف بالشيخ الطريحي ولد بالنجف وتوفّي ۱۰۸۵ ه . ق (راجع : أعيان الشيعة : ج۸ ص۳۹۵ ورياض العلماء : ج۴ ص۳۳۴ والذريعة : ج ۲۲ ص ۴۲۰) .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
58

المذكورة وصلته بنزول آية التطهير . ويدلّ دعاء النبيّ صلى الله عليه و آله وكثير من الأحاديث التي روت حادثة الكساء على أنّها كانت بعد نزول آية التطهير ، وقد حدثت لتفسير الآية وبيانها . ونُقل أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يدعو أصحاب الكساء إلى صلاة الصبح حتّى آخر عمره المبارك مناديًا إيّاهم بأهل البيت ، وهذا ممّا يعبّر عن أهميّة الحادثة .

4 ـ حادثة الكساء في بيت اُمّ سلمة

إنّ التأمّل في الأحاديث المأثورة الّتي ذكرت حادثة الكساء يثبت أنّ نزول آية التطهير وقضيّة الكساء كانا في بيت اُمّ سلمة لا محالة . وقد أقرّت عائشة بهذه الحقيقة أيضًا . كما رُوي ذلك عن أبي عبداللّه الجدليّ أنّه قال : دخلت على عائشة ، فقلت : أين نزلت هذه الآية : إنّما يريد اللّه ... ؟ قالت : نزلت في بيت اُمّ سلمة ۱ . وفي رواية اُخرى ، قالت اُمّ سلمة : لو سألتَ عائشة لحدّثتك أنّ هذه الآية نزلت في بيتي . ۲
وقال أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان الملقّب بالمفيد : روى أصحاب الحديث أنّ عمر سُئل عن هذه الآية ، فقال : سَلوا عنها عائشة . فقالت عائشة : إنّها نزلت في بيت اُختي اُمّ سلمة . فاسألوها عنها ؛ فإنّها أعلم بها منّي . ۳
وأمّا الأخبار الّتي قد تُشعر بأنّ قضيّة الكساء وقعت في بيت غيرها من أزواج النبيّ صلى الله عليه و آله فإنّها لو صحّت لدلّت على أنّ أشخاصًا آخرين قد شهدوا حادثة الكساء أيضا كعائشة، وزينب. وأنّهم طلبوا من النبيّ صلى الله عليه و آله ما طلبته اُمّ سلمة، فأجابهم بالنفي.
وأمّا ما احتمله بعض المحدّثين ۴ من تكرار هذه الحادثة عدّة مرّات فهو أمر مستبعد.

1.تفسير فرات الكوفي : ص ۳۳۴ ح ۴۵۵ .

2.الفصول المختارة : ص ۵۳ و ۵۴ .

3.راجع: ذخائر العقبى : ص ۵۷ ، الصواعق المحرقة : ص ۱۴۴ ، ينابيع المودّة : ج ۱ ص ۳۲۳ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 164987
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي