365
حكم النّبيّ الأعظم ج2

حكم النّبيّ الأعظم ج2
364

مبدأ التَّقويمِ الهجريّ القمريّ

في السَّنوات الاُولى من البعثة النبويّة المباركة ، كان «الذهاب إلى بيت الأرقم» مبدأً للتّاريخ بين المسلمين ، فكانوا يقولون : هذه الحادثة وقعت قبل ذلك ، أو بعد ذلك ۱ . وبعد إقامة المجتمع الإسلاميّ في المدينة ، أصبحت الهجرة النبويَّةُ مبدأً للتّاريخ عند المسلمين . وثمَّة رأيان في زمان اتِّخاذ الهجرة مبدأً للتّاريخ :

1 . إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله هو الذي اتّخذ التّاريخ الهجريّ

ويرى هذا الرأي أنَّ الرسول صلى الله عليه و آله منذ وروده المدينة ، قرّر اتِّخاذ الهِجرة بدايةً للتقويم . وثمّة ما يؤيّد هذا الرأي ، من ذلك ما رواه الطبريّ :
«إنَّ النبيَّ لمّا قدم المدينة ـ وقدمها في شهر ربيع الأوّل ـ أمر بالتّاريخ» .۲
وقد أيّد سماحة السيِّد جعفر مرتضى العامليّ هذا الرأي ۳ .

2 . إنّ الخليفة الثاني هو الذي اتّخذ ذلك

يرى الرأي الآخر أنَّ الخليفة الثاني عزم في العام السابع عشر من الهجرة على وضع مبدأ للتّاريخ ، وقد ذُكرت له اقتراحات عديدة ، فقال بعضهم : تاريخ الروم ۴ ، وبعضهم : تاريخ الفُرس ۵ ، وبعضهم : مولد النبيِّ ۶ ، وبعضهم : البعثة ۷ ، وبعضهم : وفاة النبيِّ ۸ . أمّا الإمام عليّ عليه السلام فاقترح الهجرة ، فتمّ الاتّفاق على ذلك .
يقول سعيد بن المسيّب :
قال عمر : متى نكتب التّاريخ؟ وجمع المهاجرين . فقال له عليّ عليه السلام : من يوم هاجر النبيُّ صلى الله عليه و آله إلى المدينة . فكُتب التّاريخ . ۹
إنّ سماحة الشيخ رسول جعفريان جمع بين الرأيين إذ قال :
من مجموع ما روي في هذا المجال ، نفهم أنَّ الهجرة باعتبارها نقطة عطف هامّة في حياة الرسالة ، اتُّخذت مبدأً لتاريخ الحوادث ، وبعد وفاة الرَّسول وظهور حوادث كبيرة اُخرى ، من المحتمل أنّ أهميّة الهجرة قد تضاءلت في الأذهان ، أو ربّما نُسيت ؛ إذ يدلّ على ذلك ما يروى عن ابن عبّاس : أنّ النبيَّ صلى الله عليه و آله لما قدم المدينة لم يكن ثمّة مبدأ للتّاريخ ، وبعد شهرين من قدومه استُعمل التّاريخ . (طبيعيّ أن يكون التّاريخ الهجريّ نفسه) . وقد استمرّ هذا التّاريخ حتّى وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله ، ثمّ انقطع بعد ذلك ، ولم يكن ثمَّة تاريخ أيَّام خلافة أبي بكر والسّنوات الأربع الاُولى من خلافة عمر ، ثم وضع التّاريخ الهجريّ. لذلك يمكن الجمع بين الرأيين ؛ أي إنَّ الهجرة اتُّخذت مبدأ للتّاريخ في حياة الرسول صلى الله عليه و آله بشكل طبيعيّ أو بتقرير من النبيِّ ، لِما للحوادث المهمّة من دور في تعيين مبدأ التّاريخ ، ولكنَّ هذا التّاريخ قد نُسي بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله ، وبعد أعوام ظهرت الحاجة إلى مبدأ للتّاريخ ، واُعيد التّاريخ الهجريّ باقتراح من الإمام علي عليه السلام لِما كان للإمام عليه السلام من اهتمام خاصّ بانتهاج ما أقرّه الرَّسول صلى الله عليه و آله ، أضف إلى ذلك أنّ مبدأ التّاريخ الهجريّ ـ الذي ينبغي أن يكون ربيع الأوّل ـ قد بُدّل ـ مع الأسف ـ إلى شهر محرّم . ۱۰

1.راجع : تاريخ المدينة : ج ۳ ص ۹۵۴ والبداية والنهاية : ج ۵ ص ۳۴۹ .

2.تاريخ الطبري : ج ۲ ص ۳۸۸ .

3.راجع : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم : ج ۴ ص ۱۸۶ ـ ۲۰۲ .

4.راجع : تاريخ الطبري : ج ۲ ص ۳۸۹ .

5.نفس المصدر .

6.راجع : كنز العمّال : ج ۱۰ ص ۳۱۰ ح ۲۹۵۵۶ .

7.نفس المصدر .

8.نفس المصدر .

9.التاريخ الكبير : ج ۱ ص ۹ .

10.تاريخ سياسى اسلام (بالفارسيّة) : ج۱ ص ۳۷۵ (سيره رسول خدا) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج2
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 175687
الصفحه من 686
طباعه  ارسل الي