189
حكم النّبي الأعظم ج1

كانت نبوّته والتعاليم التي جاء بها من قبل اللّه تعالى لتنظيم شؤون الحياة تطابق الموازين العقليّة والمعايير العلميّة ، وحتّى إنّ العلماء لو عَنَّ لهم تقصّي حقائقها لثبت لهم بكلّ جلاء صدق ارتباطه بمبدأ الوجود :
«وَ يَرَى الَّذِينَ اُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى اُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَ يَهْدِى إلَى صِرَ طِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» . ۱
وانطلاقا من هذه الرؤية ، كان يحذّر الناس بشدّة من اتّباع ما لا علم لهم به ويتلو عليهم الآية الكريمة :
«وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤَادَ كُلُّ اُوْلَـئكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـؤولًا» . ۲

تحذير قرآنيّ

كثيرا ما يؤكّد القرآن ضرورة استمرار نهضة الإسلام العلميّة والثقافيّة ويحذّر المسلمين لئلّا يعودوا بعد الرسول إلى ما كانوا عليه في عهد الجاهليّة ، بقوله :
«وَمَا مُحَمَّدٌ إلَا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإِيْن مَّاتَ أوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أعْقَـبِكُمْ» . ۳
وتشير هذه الآية ، وكذلك الآية 33 من سورة الأحزاب :
«وَ لَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَـهِلِيَّةِ الْأُولَى» . ۴
وفقا لتفسير الإمام الباقر عليه السلام : «أي سَيَكونُ جاهِلِيَّةٌ اُخرى» ۵ إلى عودة الجهل في

1.سبأ : ۶ .

2.الإسراء : ۳۶ .

3.آل عمران : ۱۴۴ .

4.الأحزاب : ۳۳ .

5.تفسير القميّ : ج ۲ ص ۱۹۳ عن طلحة بن زيد عن الإمام الصادق عليه السلام ؛ الدر المنثور : ج ۶ ص ۶۰۱ .


حكم النّبي الأعظم ج1
188

تحقيق فيما يوجب الرجعة إلى الجاهليّة

يصرّح القرآن الكريم والأحاديث الشريفة أنّ عهد بعثة الرسول صلى الله عليه و آله هو عهد سيادة العقل والعلم ، وما سبقه جاهليّة . أمّا الحكمة من هذه التسمية فهي أنّ الفترة التي سبقت نبوّتَه حصل فيها تحريف للأديان السماويّة أو صدّت على الناس أبواب إدراك حقائق الوجود ، وحرمتهم من وجود نهج صحيح للحياة ، وكلّ ما عرض على الناس آنذاك باسم الدين كان مزيجا بالأوهام والخرافات ، وكانت الأديان المحرّفة أدوات بيد الحكومات ولصالح النفعيّين والانتهازيين والمرفّهين الذين لا يستشعرون آلام الناس .
كانت بعثة الرسول صلى الله عليه و آله بداية لعصر العلم ؛ فكانت أكبر مسؤوليّة اضطلع بحملها تبيان الحقائق للناس ، وتعليمهم النهج الصحيح في الحياة ، ومحاربة ما لحق بالأديان السابقة من تحريف وما اُلصق بها من أوهام كانت تقدّم للمجتمع باسم الدين .
كان صلوات اللّه عليه يرى نفسه أبا عطوفا للناس ومعلّما حريصا عليهم ، فكان يقول لهم :
أنَا لَكُم مِثلُ الوالِدِ ؛ اُعَلِّمُكُم .۱

1.مسند ابن حنبل : ج ۳ ص ۵۳ ح ۷۴۱۳ سنن النسائي : ج ۱ ص ۳۸ ، سنن ابن ماجة : ج ۱ ص ۱۱۴ و ۳۱۳ .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 233261
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي