ويدور الحديث في الفصل السابع حول الجهل وأبعاده ، والتحذير من التبلور بمحورية الجهل والوقوع في قبضة المتبلورين حول هذا المحور ، وضرورة اجتناب مثل هؤلاء الأشخاص ، وأخيرا علامة الجهل والمتبلورين حوله ، وبيان من هو الجاهل والتعريف به ، ومن هو المتبلور حول الجهل ، وما الذي يجب أن يفعله الإنسان إذا ما وقع في هذا الفخّ المرئي أو غير المرئي ، وكيف يحرّر نفسه من مصيدة الجهل وأجواء الجهلة الملوّثة بالجهل؟ وقد جاء كلّ ذلك في أحاديث الفصل الثامن والتاسع والعاشر .
وقد دار الحديث بشكل متكرّر في المفاهيم الدينية والمعارف القرآنية عن «الجاهلية الاُولى» ، فما هي الجاهلية الاُولى؟ وما هي خصوصياتها؟ وما هو المفهوم الذي ستكتسبه إذا قارنّاها مع «الجاهلية الجديدة»؟ وما هي القواعد التي تعتمد عليها؟ وقد قرّرنا كلّ ذلك في الفصلين الحادي عشر والثاني عشر من هذا الباب ، مع التحذير من أن يعود المجتمع المسلم إلى الجاهلية وتسيطر عليه خصوصية الجهلة ، ونظرة إلى عوامل «الرجعة إلى الجاهليّة» وأرضيّاتها .
الباب الثاني : العلم والمعرفة والحكمة
تطرّقنا في هذا الباب في البدء وقبل أن ندرج بعض الأحاديث عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله حول «العلم» ، «المعرفة» و«الحكمة» ، إلى المفهوم اللغوي لهذه الكلمات ، ثمّ معنى «العلم» و «المعرفة» من منظار الكتاب والسنّة ، وأوضحنا أنّ العلم والمعرفة استُخدما أحيانا في النصوص الدينية الإسلامية في مفهومهما الحقيقي ، وأحيانا في مفهومهما الاصطلاحي والظاهري .
إنّ حقيقة العلم والمعرفة هي نور يوجّه أنواع العلوم والمعارف البشرية المتعارفة والتي تعتبر قشرة العلم ، باتّجاه سعادة الإنسان وتكامله . والخطر الكبير الذي يهدّد المجتمع البشري اليوم هو أنّ قشرة العلم والمعرفة قد نمت ، ولكنّها تفقد اتّجاهها وفلسفتها الحقيقيّين بانفصالها عن اللبّ وحقيقة العلم ، ولذلك فإنّها تُستخدم باتّجاه انحطاط الإنسان .