وبِحارُ ماءٍ لا تَغورُ .
يَحلِفُ قُسٌّ ما هذا بِلَعِبٍ ، وإنَّ مِن وَراءِ هذا لَعَجَباً ، ما لي أرَى النّاسَ يَذهَبونَ فَلا يَرجِعونَ ! أرَضوا بِالمُقامِ فَأَقاموا ؟! أم تُرِكوا فَناموا ؟! يَحلِفُ قُسٌّ يَميناً غَيرَ كاذِبَةٍ ، إنَّ للّهِِ ديناً هُوَ خَيرٌ مِنَ الدّينِ الَّذي أنتُم عَلَيهِ .
ثُمَّ قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : رَحِمَ اللّهُ قُسًّا يُحشَرُ يَومَ القِيامَةِ اُمَّةً وَحدَهُ .
قالَ : هَل فيكُم أحَدٌ يُحسِنُ مِن شِعرِهِ شَيئاً؟
فَقالَ بَعضُهُم : سَمِعتُهُ يَقولُ :
فِي الأَوَّلينَ الذّاهِبينَ
مِنَ القُرونِ لَنا بَصائِر
لَمّا رَأَيتُ مَوارِدَ
لِلمَوتِ لَيسَ لَها مَصادِر
ورَأَيتُ قَومي نَحوَها
تَمضِي الأَكَابِرُ وَالأَصاغِر
لا يَرجِعُ الماضِي إلَيَّ
ولا مِنَ الباقينَ غابِر۱
أيقَنتُ أنّي لا مَحالَةَ
حَيثُ صارَ القَومُ صائِر
وبَلَغَ مِن حِكمَةِ قُسِّ بنِ ساعِدَةَ ومَعرِفَتِهِ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله كانَ يَسأَلُ مَن يَقدَمُ عَلَيهِ مِن أيادٍ مِن حِكَمِهِ ويُصغي إلَيهِ سَمعَهُ . ۲
۷۶۷.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ في صِفَةِ المثرمِ بنِ رغيبِ بنِ الشَّيقبان۳ـ: كانَ مِن أحَدِ العُبّادِ ، قَد عَبَدَ اللّهَ تَعالى مِئَتَينِ وسَبعينَ سَنَةً ، لَم يَسأَلهُ حاجَةً إلّا أجابَهُ ، إنَّ اللّهَ عز و جلأسكَنَ في قَلبِهِ الحِكمَةَ ، وألهَمَهُ بِحُسنِ طاعَتِهِ لِرَبِّهِ . ۴
1.الغابر : الباقي (لسان العرب : ج ۵ ص ۳).
2.كمال الدين : ص ۱۶۶ ح ۲۲ عن محمّد بن مسلم ، بحار الأنوار : ج ۱۵ ص ۱۸۳ ح ۸ وراجع : مروج الذهب : ج ۱ ص ۶۹ .
3.في بحار الأنوار : «المثرم بن رعيب» .
4.الفضائل : ص ۴۹ عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، بحار الأنوار : ج ۳۵ ص ۱۰۰ ح ۳۳ .