389
حكم النّبي الأعظم ج1

تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا»۱ وقوله تعالى: «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَـبَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَـنِكُمْ كَـفِرِينَ»۲ . ۳
مضافا إلى ذلك ، فإن كان الإيمان الحقيقي غير قابل للزوال ، فإنّ الحثّ على عوامل ثبات الإيمان والتحذير من آفاته ستكون عديمة المعنى أساسا ؛ لأنّ الإيمان الحقيقي على الأساس المذكور يلازم حتما عوامل ثباته . ولذلك ، فإنّ الحثّ عليه يكون من باب تحصيل الحاصل .
على هذا ، فإنّ جميع النصوص التي تؤكّد ملازمة عوامل ثبات الإيمان ومفارقة أسباب زواله ، هي دالّة على كون الإيمان الحقيقي قابلاً للزوال .

الرأي الثاني : الإيمان الحقيقي لا يقبل الزوال

ينسب الشيخ المفيد هذا الرأي إلى الكثير من فقهاء الإمامية والمحدّثين والمتكلّمين ، ويعتبر النوبختيين والمعتزلة معارضين لهذا الرأي ، حيث يقول :
أقول : إنّ من عرف اللّه تعالى وقتا من دهره وآمن به حالاً من زمانه فإنّه لا يموت إلّا على الإيمان به ، ومن مات على الكفر باللّه تعالى فإنّه لم يؤمن به وقتا من الأوقات ، ومعى بهذا القول أحاديث عن الصادقين عليهماالسلام وإليه ذهب كثير من فقهاء الإمامية ونقلة الأخبار ، وهو مذهب كثير من المتكلمين في الأرجاء ، وبنو نوبخت ـ رحمهم اللّه ـ يخالفون فيه ويذهبون في خلافة مذاهب أهل الاعتزال . ۴
ولكن نسب العلّامة المجلسي ، هذا الرأي إلى بعض المتكلّمين ۵ ، ويبدو أنّ

1.النساء : ۱۳۷ .

2.آل عمران : ۱۰۰ .

3.بحار الأنوار : ج ۶۹ ص ۲۱۴ .

4.أوائل المقالات (المطبوعة في ج ۴ من كتب المؤتمر) : ص ۸۳ .

5.بحار الأنوار : ج ۶۹ ص ۲۱۴ .


حكم النّبي الأعظم ج1
388

بحث حول إمكان زوال الإيمان ، أو عدم إمكانه

تفيد الآيات و الأحاديث التي جاءت في هذا الفصل أنّ الإيمان على نوعين : ثابت ، وغير ثابت .
فالثابت هو الإيمان الذي يلازم المؤمن حتّى الموت . وغير الثابت ملازمته للإنسان مؤقّتة ويزول بعد مدّة ، والعمل بمقتضى الإيمان يؤدّي إلى ثباته ، وترك العمل يتسبّب في عدم ثباته .
هنا يمكن طرح السؤال التالي : هل الإيمان غير الثابت إيمان حقّا ؟ وهل الإيمان الحقيقي قابل للزوال ، أو لا؟
هناك في هذا المجال عدد من الآراء .

الرأي الأوّل : الإيمان الحقيقي قابل للزوال

نسب العلّامة المجلسي هذا الرأي إلى معظم المتكلّمين ، حيث قال في هذا المجال :
إنّ المتكلّمين اختلفوا في أنّ المؤمن بعد اتّصافه بالإيمان الحقيقي في نفس الأمر هل يمكن أن يكفر أم لا ؟ ولا خلاف في أنّه لا يمكن ما دام الوصف ، وإنّما النزاع في إمكان زواله بضدّ أو غيره ، فذهب أكثرهم إلى جواز ذلك بل إلى وقوعه ، وذلك لأنّ زوال الضدّ بطريان ضدّه أو مثله على القول بعدم اجتماع الأمثال ممكن ؛ لأنّه لا يلزم من فرض وقوعه محال وظاهر كثير من الآيات الكريمة دالّ عليه كقوله

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 233293
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي