هذا الشكل المتداول ، بل هو ميثاق فطرة الإنسان مع اللّه تعالى ، واعترافه بربوبيّة اللّه الأَحد هو تلك المعرفة التي أَودعها اللّه في فطرة البشر وثبّتها .
الطائفة الثالثة : النصوص التي تدلّ على أنّ طبيعة الإنسان بنحو أنّه إِذا مُنيَ بربقة المصائب والشدائد زالت موانع المعرفة من بصيرته وفي هذه الحالة يشعر بكلّ وجوده حقيقة اللّه سبحانه وتعالى ، ويمدّ يد الفاقة إِلى ذلك الغنيّ . ومحصّلة الآيات القرآنيّة في هذا المجال وردت في كلام نورانيّ للإمام العسكريّ عليه السلام ، فقد قال سلام اللّه عليه :
اللّهُ : هُوَ الَّذي يَتَأَلَّهُ إِلَيهِ عِندَ الحَوائِجِ والشَّدائِدِ كُلُّ مَخلوقٍ عِندَ انقِطاعِ الرَّجاءِ مِن كُلِّ مَن هُوَ دونَهُ ، وتَقَطُّعِ الأسبابِ مِنَ جَميعِ ما سِواهُ.۱
ما معنى فطرة معرفة اللّه
لهذه الفطرة معنيان: الفطرة العقليّة ، والفطرة القلبيّة .
إِنّ القصد من فطرة معرفة اللّه العقليّة هو : أنّ اللّه سبحانه خلق عقل الإنسان بشكل يكون التوجّه إِلى الوجود والنظام المسيطر عليه باعثا على إِيجاد الاعتقاد بوجود اللّه ذاتيّا وبلا حاجة إِلى الاستدلال .
أمّا الفطرة القلبية لمعرفة اللّه تعني : أنّ اللّه سبحانه قد جعل معرفته في قلب الإنسان وروحه بحيث لو ارتفعت الحجب وأُزيلت الحواجز ، تجلّت تلك المعرفة الأصيلة ، فيجد الإنسان نفسه في رحاب الخالق .
بناءً على هذا ، فإنّ التفاوت بين المعرفة الفطريّة العقليّة والقلبيّة ، كالفرق بين العلم والوجدان ، أو كالفرق بين الإيمان واليقين .