469
حكم النّبي الأعظم ج1

البَياضُ وَالصَّفاء «إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ» 1 قالَ : يَنظُرُ كُلَّ يَومٍ في وَجهِ اللّهِ عز و جل . 2
3 . وفي صحيح مسلم عن النبيّ صلى الله عليه و آله :
إِذا دَخَلَ أَهلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ ، قالَ : يَقولُ اللّهُ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ : تُريدونَ شَيئا أَزيدُكُم ؟ فَيَقولونَ : أَلَم تُبَيِّض وُجوهَنا ؟ أَلَم تُدخِلنَا الجَنَّةَ وتُنَجِّنا مِنَ النّارِ ؟ قالَ : فَيَكشِفُ الحِجابَ ، فَما أُعطوا شَيئا أَحَبَّ إِلَيهِم مِنَ النَّظَرِ إِلى رَبِّهِم عز و جل . 3
وجواب ما استندوا إِليه كدليلٍ نقليّ على إِمكان الرؤية بالبصر هو : على فرض أَن نقبل زعم أَهل الحديث صحّة الأَحاديث المذكورة ، نقول :
أَوّلاً : للرؤية في هذه الروايات قابليّة الانطباق على الرؤية القلبيّة بالتفسير الصحيح الذي سيأتي .
ثانيا : نظرا إِلى أَنّ القرآن والبرهان فنّدا إِمكان الرؤية الحسيّة ، فلو أَنّ روايةً لا تقبل التوجيه ، فهي مرفوضة قطعا ، لذاقال الإمام الرضا عليه السلام في جواب أَبي قرّة حين سأله : فتكذّب بالروايات؟ :
إذا كانَتِ الرِّواياتُ مُخالِفَةً لِلقُرآنِ كَذَّبتُ بِها . 4
كذلك لا يصحّ الاستدلال بقوله تعالى : «وُجُوهٌ يَوْمَئذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ » على إِمكان الرؤية الحسيّة ؛ لأَنّ الجمع بين هذه الآية وسائر الآيات التي تدلّ على عدم إِمكان الرؤية الحسيّة نحو قوله تعالى : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَـرَ » 5 يقتضي أَنّ الرؤية الحسيّة غير مقصودة .

1.الفردوس : ج ۴ ص ۴۰۹ ح ۷۱۹۰ .

2.القيامة : ۲۳ .

3.المستدرك على الصحيحين: ج ۲ ص ۵۵۳ ح ۳۸۸۰ .

4.صحيح مسلم : ج ۱ ص ۱۶۳ ح ۲۹۷ .

5.التوحيد : ص ۱۱۱ .


حكم النّبي الأعظم ج1
468

الأَشياء يقتضي إِمكان رؤيتها ۱ ، أَو قول ابن تيميّة :
فإنّ الرؤية وجود محض ، وهي إِنّما تتعلّق بموجود لا بمعدوم ، فما كان أَكمل وجود ، بل كان وجوده واجبا فهو أَحقّ بها ممّا يلازمه من العدم...» . ۲
والجواب عن هذا الكلام هو :
أَوّلاً : إِنّ إِثبات هذا الزعم بأنّ صرف الوجود يقتضي إِمكان الرؤية ، أَو أَنّ ما كان أَكمل وجودا ، فهو أَحقّ بالرؤية يحتاج إِلى دليل .
ثانيا : دلّت التجربة على أَنّ كثيرا من الأَشياء تتعذّر رؤيته الحسّيّة ، فهل استطاع أَحد أَن يرى قوّة التفكّر بالعين لحدّالآن؟!
ثالثا : كما لوحظ في الروايات المأثورة عن أَهل البيت عليهم السلام ، فإنّ العين لا تستطيع أَن ترى إِلّا ما كان له لون وكيفيّة ، ومثل هذا الشيء لا يمكن أَن يكون خالقا غير محدود .

الدليل النقليّ للقائلين بجواز الرؤية

أَمّا دليلهم النقليّ الذي وصفه القاضي الإيجيّ بأنّه الدليل الأَصليّ لإثبات إِمكان الرؤية فهو الأَحاديث التي نشير إِلى عدد منها فيما يأتي :
1 . عن ابن عمر ، عن النبيّ صلى الله عليه و آله في قوله تعالى : «وُجُوهٌ يَوْمَئذٍ نَّاضِرَةٌ...» 3 من البهاء والحسن ، ناظرة في وجه اللّه تعالى . 4
2 . وعنه أَيضا : قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله :
إِنَّ أَدنى أَهلِ الجَنَّةِ مَنزِلَةً لَمَن يَرى في مُلكِهِ أَلفَي سَنَةٍ ، وإِنَّ أَفضَلَهُم مَنزِلَةً لَمَن يَنظُرُ في وَجهِ اللّهِ تَعالى كُلَّ يَومٍ مَرَّتَينِ ، ثُمَّ تَلا : «وُجُوهٌ يَوْمَئذٍ نَّاضِرَةٌ» قالَ :

1.اللمع للأَشعريّ : ص ۳۲ ، شرح المقاصد للتفتازانيّ : ج ۴ ص ۱۸۹ .

2.الردّ على المنطقيّين : ص ۲۳۸ .

3.. المصنّف ، ابن ابى شيبه : ج ۱ ص ۲۳۴ ح ۳ .

4.القيامة : ۲۲ .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 229485
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي