489
حكم النّبي الأعظم ج1

وذلك لأنّ القلم والكتاب يُعدّان مصدرين خارجيين لكلّ العلوم والمعارف الإنسانية ، ومن هنا فإنّ هذا الكتاب السماوي يعتبر القلم والكتابة من الآيات الإلهية التي تشير إِلى وجود الشعوروالتدبير في نظام الوجود ، قال تعالى :
«الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْاءِنسَـنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» . ۱

9 . اختلاف اللغات والصور

إِنّ اختلاف لغات الناس وصورهم وأَلوانهم واحدة أُخرى من دلائل معرفة الخالق ـ جلّ وعلا ـ ، فإذا كان الصانع مجردامن الشعور حاله حال المصانع الانتاجية الأُخرى فإنّ إِنتاجه سيكون بلا شكّ على وتيرةٍ واحدةٍ ونمطٍ واحدٍ .
ومن جهة أُخرى فإنّ الحياة الاجتماعية لا يمكن أن تتيسّر دون تهيئة الأَسباب التي تؤدي إِلى معرفة الناس بعضهم لبعض ، فلو فرضنا أنّ كلَّ النَّاس في مجتمع ما قد خُلقوا على شكل واحد ، وقيافة واحدة ، ولون واحد ، ونبرة صوتية واحدة بحيث لا يمكن التمييز بين شخص وآخر؛ الوالد عن الولد ، والزوجة عن غيرها ، والمجرم عن البريء ، والآمر عن المأمور ، والرئيس عن المرؤوس ، الدائن عن المَدِين ، والصديق عن العدو ، فكيف يمكن تصوّرالعيش في مثل مجتمع هكذا؟ وفي هذا الاتّجاه يؤكّد القرآن الكريم :
«وَ مِنْ ءَايَـتِهِ خَلْقُ السَّمَـوَ تِ وَ الْأَرْضِ وَاخْتِلَـفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوَ نِكُم۲إِنَّ فِى ذَلِكَ لَأيَـتٍ لِّلْعَــلِمِينَ» . ۳

1.القلم : ۴ ـ ۵ .

2.وقد فسّرت الأَلوان في الآية بمعنيين ، الأَول : اختلاف الصور ، والثاني : اختلاف الألوان ، وكلاهما صحيحان ، فإنّ اختلاف الأَلوان في كلا المعنيين من أدلة التوحيد ومعرفة اللّه سبحانه . راجع : مفردات الراغب ، مادة «لون» ، التفسير الكبير : ج ۲۵ ص ۹۲ ، تفسير الجواهر : ج ۱۵ ص ۴۹۹ ، التفسير الأمثل (ذيل الآية) وغيرها .

3.الروم : ۲۲ .


حكم النّبي الأعظم ج1
488

تلك التي ضرورية في الحرب ، قال تعالى :
«وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنم بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ... » . ۱«قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَ رِى سَوْءَ تِكُمْ» . ۲«وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرَ بِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَ سَرَ بِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ» . ۳«تَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا» . ۴

8 . أَدوات استيعاب العلم

إِنّ تدارك الأَدوات الداخلية والخارجية لاستيعاب العلم آية أُخرى تضاف إِلى آيات خلق الإنسان ، ودليل آخر يضاف إِلى إِثبات التوحيد ومعرفة الخالق .
لقد وفّر الخالق الحكيم من ناحية أَدوات استيعاب العلم في بواطن وجود الإنسان ، قال تعالى :
«وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنم بُطُونِ أُمَّهَـتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْـئا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصَـرَ وَ الْأَفْـئدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» . ۵
ومن ناحية أُخرى وفّر له أَنواع اللوازم والآلات الضرورية الخارجية للقراءة والكتابة ودراسة العلم .
إِنّ النقطة التي تجدر الإشارة إِليها هي أن القرآن الكريم أَقسم بالقلم والكتاب من بين أَدوات التعليم والتعلم ، قال تعالى :
«ن وَ الْقَلَمِ وَ مَا يَسْطُرُونَ» . ۶

1.النحل : ۸۰ .

2.الأعراف : ۲۶ .

3.النحل : ۸۱ .

4.النحل : ۱۴ .

5.النّحل : ۷۸ .

6.القلم : ۱ .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 229278
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي