517
حكم النّبي الأعظم ج1

المتعمّق: المبالغ في الأَمر المتشدّد فيه ، الذي يطلب أَقصى غايته»، ۱
ومثله عن ابن منظور في لسان العرب. ۲
وفي ضوء ذلك نلاحظ أَنّ غاية الجهد لبلوغ العمق وأَقصى الشيء يُسمّى في اللغة تعمّقا .

2 . الأَحاديث التي تناولت كلمة «التعمّق»

إِنّ التنقيب في مواضع استعمال كلمة «التعمّق» في الأَحاديث المنقولة في مصادر الفريقين لا يُريب الباحث في أَنّ القصد من هذه الكلمة في الثقافة الإسلاميّة هو الإفراط ، والتطرّف ، والخروج من حدّ الاعتدال ، ويمكن أَن نقسّم هذه الأَحاديث إِلى أَربعة أَقسام :

أ ـ مدح ترك التعمّق في صفات اللّه

الطائفة الأُولى : الأَحاديث التي تصف الراسخين في العلم وتُثني على تركهم التعمّق في صفات اللّه ، بل في جميع القضايا الغيبيّة ، مثل قول أَمير المؤمنين عليّ بن أَبي طالب عليه السلام :
فَمَدَحَ اللّهُ تَعالَى اعتِرافَهُم بِالعَجزِ عَن تَناوُلِ ما لَم يُحيطوا بِهِ عِلما ، وسَمّى تَركَهُمُ التَّعَمُّقَ فيما لَم يُكَلِّفهُمُ البَحثَ عَن كُنهِهِ رُسوخا .۳

1.كتاب العين: ص ۵۷۹ «عمق» .

2.لسان العرب : ج ۱۰ ص ۲۷۱ «عمق» وراجع : النهاية : ج ۳ ص ۲۹۹ «عمق» .

3.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۳ (معرفة اللّه / القسم الأوّل : التعرف على اللّه / الفصل الثامن : آفاق معرفة اللّه / النهي عن التعمق في صفته : ح ۳۸۴۴ .


حكم النّبي الأعظم ج1
516

كلام حول معنى التعمّق في معرفة اللّه

وَهِمَ عددٌ من كبار أُولي العرفان في تفسير الحديث الذي نقله الكليني رحمه الله عن الإمام زين العابدين عليه السلام حول «التعمّق» غافلين عن معناه في اللغة والأَحاديث المأثورة ، فقد فسّروا كلامه عليه السلام :
إِنَّ اللّهَ عز و جل عَلِمَ أَنَّهُ يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ أَقوامٌ مُتَعَمِّقونَ ، فَأَنزَلَ اللّهُ تَعالى«قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ »وَالآياتِ مِن سورَةِ الحَديدِ إِلى قَولِهِ:«وَ هُوَ عَلِيمُم بِذَاتِ الصُّدُورِ»، فَمَن رامَ وَراءَ ذلِكَ فَقَد هَلَكَ .۱
بأنّه لمّا كان اللّه تعالى يعلم بأنّ أُناسا سوف يأتون في آخر الزمان يستقصون و يتمعّنون ، أَنزل سورة التوحيد والآيات الأُولى من سورة الحديد ، و بهذا البيان استخرجوا مدح أَهل العرفان في آخر الزمان و طبّقوا الحديث المذكور على ما فهموهُ من التوحيد ، بيد أَنّ مراجعةً للمصادر الأَصيلة في اللغة والحديث التي وردت فيها كلمة «التعمّق» ، والتدقيق في ذيل كلامه عليه السلام يجعلان الباحث يوقن بأنّ فهمهم للحديث المذكور غير سديد قطعا ، وتوضيح ذلك فيما يلي :

1 . «التعمّق» في اللّغة

قال الخليل بن أَحمد الفراهيديّ:

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۳ (معرفة اللّه / القسم الأوّل : التعرف على اللّه / الفصل الثامن : آفاق معرفة اللّه / النهي عن التعمق في صفته : ح ۳۸۴۸) .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 233075
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي