519
حكم النّبي الأعظم ج1

د ـ عاقبة التعمّق في الدِّين

الطائفة الرابعة : الأَحاديث التي ترى أَنّ عاقبة التطرّف والإفراط الدِّينيّ هي الخروج من الدِّين ، كما نقل عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله قوله:
إنَّ أقواما يَتَعَمَّقونَ فِي الدّينِ يَمرُقونَ كَما يَمرُقُ السَّهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ.۱
ونلاحظ في ضوء ما تقدّم أَنّ التعمّق في معرفة اللّه والشؤون الدِّينيّة ، كما تفيده ثقافة الحديث في الإسلام ليس فحسب ، بل محظورٌ مذمومٌ أَيضا . وما ورد في كلام الإمام زين العابدين عليه السلام «إِنّ أقواما سَيَتَعَمَّقونَ في آخِرِ الزَّمانِ» يعبّر عن انحرافهم العقيديّ ، إِذ أنّ اللّه تعالى أَنزل سورة التوحيد والآيات الأُولى من سورة الحديد لئلّا يعمّ انحرافهم .
إِنّ ما جاء في ذيل كلام الإمام عليه السلام إِذ قال: «فَمَن رامَ وَراءَ ذلِكَ هَلَكَ» يدلّ على أَنّ المسلمين يجب أَن يكتفوا في معرفة صفات اللّه ، بماورد في هذه الآيات وما وضّحه أَهل البيت عليهم السلام في هذا المجال ، ولا يسبروا الغور في المباحث التي لا يبلغ عُمقَها فكرهم ۲ ، فلا عاقبة للتعمّق في ذات اللّه سبحانه وصفاته إِلّا الهلاك .

راجع : موسوعة العقائد الإسلامية ج 2 (المعرفة / القسم السادس : مبادئ المعرفة / الفصل الخامس : نطاق المعرفة / خطر التعمق) .

1.مسند ابن حنبل : ج ۴ ص ۳۱۸ ح ۱۲۶۱۵ عن أنس بن مالك؛ كنز العمّال : ج ۱۱ ص ۲۸۸ ح ۳۱۵۴۳ نقلاً عن ابن جرير وراجع: موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۶ (الحرب الثالثة : وقعة النهروان / المدخل / التطرّف الديني في اصطلاح الحديث) .

2.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۳ (معرفة اللّه / القسم الأوّل : التعرّف على اللّه / الفصل الثامن : آفاق معرفة اللّه / النهي عن التفكر في ذاته و النهي عن التعمق في صفته) .


حكم النّبي الأعظم ج1
518

ولهذه الأَحاديث أَهمّيّة خاصّة في هذا المبحث لاتّساقها والقرآن الكريم .

ب ـ خطر مطلق التعمّق

الطائفة الثانية : الأَحاديث التي تصف مطلق التعمّق بالخطر كالذي أُثر عن الإمام أَمير المؤمنين عليه السلام من عدّه التعمّق دعامة من دعائم الكفر:
الكُفرُ عَلى أَربَعِ دَعائِمَ: عَلَى التَّعَمُّقِ ... فَمَن تَعَمَّقَ لَم يُنِب إِلَى الحَقِّ.۱

ج ـ التحذير من التعمّق في الدِّين

الطائفة الثالثة : الأَحاديث التي حذّرت من التطرّف في قضايا الدين الفرعيّة نحو قوله صلى الله عليه و آله :
إِيّاكُم وَالتَّعَمُّقَ فِي الدّينِ ! فَإِنَّ اللّهَ تَعالى قَد جَعَلَهُ سَهلاً ، فَخُذوا مِنهُ ما تُطيقونَ ...۲.
وقول الإمام الكاظم عليه السلام :
لا تَعَمُّقَ فِي الوُضوءِ .۳
وقال العلّامة المجلسيّ في بيان هذه الرواية :
أَي : بإكثار الماء ، أَو بالمبالغة كثيرا في إِيصال الماء زائدا عن الإسباغ المطلوب .۴

1.نهج البلاغة : الحكمة ۳۱، الكافي : ج ۲ ص ۳۹۲ ح ۱ عن سليم بن قيس الهلالي نحوه ، الخصال : ص ۲۳۲ ح ۷۴ عن الأصبغ بن نباتة وفيه «العتوّ» بدل «الكفر» ، تحف العقول : ص ۱۶۶ و فيه «الغلوّ» بدل «الكفر» ، بحار الأنوار : ج ۶۸ ص ۳۴۸ ح ۱۷ .

2.كنز العمّال : ج ۳ ص ۳۵ ح ۵۳۴۸ .

3.راجع: وسائل الشيعة : ج ۱ ص ۳۳۴ (باب «استحباب صفق الوجه بالماء قليلاً عند الوضوء ، وكراهة المبالغة في الضرب ، والتعمّق في الوضوء») .

4.بحار الأنوار : ج ۸۰ ص ۲۵۸ .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 233368
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي