539
حكم النّبي الأعظم ج1

وما ورد أَنّ آصف بن برخيا وزير سليمان دعا بما عنده من حروف اسم اللّه الأَعظم فأَحضر عرش ملكة سبأ عند سليمان في أَقل من طرفة عين ، وما ورد أَنّ الاسم الأَعظم على ثلاثة وسبعين حرفا قسم اللّه بين أَنبيائه اثنين وسبعين منها، واستأَثر واحدا منها عنده في علم الغيب ، إِلى غير ذلك من الروايات المشعرة بأنّ له تأليفا لفظيا .
والبحث الحقيقي عن العلّة والمعلول وخواصّها يدفع ذلك كلّه فإنّ التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الأَشياء في قوته وضعفه والمسانخة بين المؤثر والمتأَثر، والاسم اللفظي إِذا اعتبرنا من جهة خصوص لفظه كان مجموعة أَصوات مسموعة هي من الكيفيات العرضية ، وإِذا اعتبر من جهة معناه المتصوّر كان صورة ذهنية لا أَثر لها من حيث نفسها في شيء البتّة ، ومن المستحيل أَن يكون صوت أَوجدناه من طريق الحنجرة أَو صورة خيالية نصوّرها في ذهننا بحيث يقهر بوجوده وجود كلّ شيء ، ويتصرّف فيما نريده على ما نريده فيقلب السماء أَرضا والأَرض سماءً ويحوّل الدنيا إِلى الآخرة وبالعكس وهكذا ، وهو في نفسه معلول لإرادتنا .
والأَسماء الإلهيّة واسمه الأَعظم خاصّة وإِن كانت مؤثرة في الكون ووسائط وأَسبابا لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود ، لكنها إِنّما تؤثر بحقائقها لا بالأَلفاظ الدالّة في لغة كذا عليها ، ولا بمعانيها المفهومة من أَلفاظها المتصوّرة في الأَذهان ، ومعنى ذلك أَنّ اللّه سبحانه هو الفاعل الموجد لكلّ شيء بما له من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب ، لا تأثير اللفظ أَو صورة مفهومة في الذهن أَو حقيقة أُخرى غير الذات المتعالية ، إِلّا أَنّ اللّه سبحانه وعد إِجابة دعوة ، من دعاه كما في قوله :


حكم النّبي الأعظم ج1
538

ومنهم : من ذكر أَنّ الاسم الأَعظم اسم جامع للأَسماء كلّها . ۱
ومنهم : من يعتقد أَنّ الأَنبياء مظاهر أُمّهات أَسماء الحقّ ، وهي داخلة في الاسم الأَعظم الجامع ، ومظهر الحقيقة المحمّديّة . ۲
أَجل ، إِنّ الخلاف في تبيان ما غمضت حقيقته على الباحثين طبيعيّ ، بيد أَنّي وجدتُ بين الآراء المختلفة التي لاحظتها أَنّ كلام العلّامة الطباطبائي في تبيينه هو أَفضلها .

أَفضل تحقيق في تبيان الاسم الأَعظم

قال العلّامة الطباطبائي قدس سره ـ في بيان معنى الاسم الأَعظم ـ :
«شاع بين النّاس أَنّه اسم لفظي من أَسماء اللّه سبحانه إِذا دعي به استجيب ، ولا يشذّ من أَثره شيء غير أَنّهم لما لم يجدوا هذه الخاصّة في شيء من الأَسماء الحسنى المعروفة ولا في لفظ الجلالة ، اعتقدوا أَنّه مؤلّف من حروف مجهولة تأليفا مجهولاً لنا لو عثرنا عليه أَخضعنا لإرادتنا كلّ شيء .
وفي مزعمة أَصحاب العزائم والدعوات أَنّ له لفظا يدلُّ عليه بطبعه لا بالوضع اللغوي غير أَنّ حروفه وتأليفها تختلف باختلاف الحوائج والمطالب ، ولهم في الحصول عليه طرق خاصة يستخرجون بها حروفا أَولاً ، ثمّ يؤلّفونها ويدعون بها على ما نعرفه من راجع فنهم ۳ . وفي بعض الروايات الواردة إِشعار ما بذلك ، كما ورد أَنّ «بسم اللّه الرحمن الرحيم» أَقرب إِلى اسم اللّه الأَعظم من بياض العين إِلى سوادها ، وما ورد أَنّه في آية الكرسي ، وأَوّل سورة آل عمران ، وما ورد أَنّ حروفه متفرقة في سورة الحمد يعرفها الإمام وإِذا شاء أَلّفها ودعا بها فأستجيب له ،

1.كتاب التعريفات : ص ۱۰ و ۱۱ .

2.شرح فصوص الحكم للقيصريّ : ص ۱۰۸ .

3.كما في المصدر ، والظاهر أنّ فيها تصحيف .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 229551
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي