187
مكاتيب الأئمّة ج6

وَأَمَّا شَهادَةُ المَرأَةِ وَحدَهَا الَّتِي جَازَت فَهِيَ القَابِلَةُ جَازَت شَهَادَتُها مَعَ الرِّضا ، فَإِن لَم يَكُن رِضَىً فَلا أَقَلَّ مِن امرَأَتَيِنِ تَقُومُ المَرأَتَانِ بَدَلَ الرَّجُلِ لِلضَّرُورَةِ ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لا يُمكِنُهُ أَن يَقُومَ مَقامَهَا ، فَإِن كَانَت وَحدَهَا قُبِلَ قَولُها مَعَ يَمينِها .
وَأَمَّا قَولُ عَلِيٍّ عليه السلام فِي الخُنثَى فَهِيَ كَمَا قَالَ : يَنظُرُ قَومٌ عُدُولٌ يَأخُذُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُم مِرآةً وَتَقُومُ الخُنثَى خَلفَهُم عُريانَةً وَيَنظُروُنَ فِي المَرايَا فَيَرَونَ الشَّبَحَ فَيَحكُمُونَ عَلَيهِ .
وَأَمَّا الرَّجُلُ النَّاظِرُ إِلَى الرَّاعِي وَقَد نَزَا عَلَى شَاةٍ فَإِن عَرَفَهَا ذَبّحَهَا وَأَحرَقَهَا ، وَإِن لَم يَعرِفهَا قَسَمَ الغَنَمَ نِصفَينِ وَسَاهَمَ بَينَهُمَا ، فَإِذَا وَقَعَ عَلَى أَحَدِ النِّصفَينِ فَقَد نَجَا النِّصفُ الآخَرُ ، ثُمَّ يُفَرِّقُ النِّصفَ الآخَرَ ، فَلا يَزالُ كَذلِكَ حَتَّى تَبقَى شَاتَانِ ، فَيَقرَعُ بَينَهُمَا فَأَيُّتهَا وَقَعَ السَّهمُ بِهَا ذُبِحَت وَأُحرِقَت وَنَجَا سَائِرُ الغَنَمِ .
وَأَمَّا صَلاةُ الفَجرِ فَالجَهرُ فِيهَا بِالقِراءَةِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله كَانَ يُغَلِّسُ ۱ بِهَا فَقِراءَتُها مِنَ اللَّيلِ .
وَأمّا قَولُ عَليٍّ عليه السلام : بَشِّر قَاتِلَ ابنِ صَفيَّةَ بِالنَّارِ فَهُوَ لِقَولِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَكَانَ مِمَّن خَرَجَ يَومَ النَّهرَوان فَلَم يَقتُلهُ أَميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام بِالبَصرَةِ ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يُقتَلُ فِي فِتنَةِ النَّهرَوَانِ .
وَأَمَّا قَولُكَ : إِنَّ عَلِيَّا عليه السلام قَتَلَ أَهلَ الصِّفِّينِ مُقبِلِينَ وَمُدبِرِينَ وَأَجَازَ عَلَى جَرِيحِهِم ، وَإنَّهُ يَومَ الجَمَلِ لَم يُتبِع مُوَلِّيَا وَلَم يُجِز عَلَى جَرِيحٍ وَمَن أَلقَى سِلاحَهُ آمَنَهُ وَمَن دَخَلَ دَارَهُ آمَنَهُ ، فَإنَّ أَهلَ الجَمَل قُتِلَ إِمَامُهُم وَلَم تَكُن لَهُم فِئَةٌ يَرجِعُونَ إِلَيهَا ، وَإِنَّمَا رَجَعَ القَومُ إِلَى مَنازِلِهِم غَيرَ مُحَارِبِينَ وَلا مُخالِفِينَ وَلا مُنابِذِينَ ، رَضُوا بِالكَفِّ عَنهُم ، فَكَانَ الحُكمُ فيهِم رَفعَ السَّيفِ عَنهُم وَالكَفَّ عَن أَذَاهُم ، إِذ لَم يَطلُبُوا عَلَيهِ أَعوَانَا ، وَأَهلُ صِفِّينَ كَانُوا يَرجِعُونَ إِلَى فِئَةٍ مُستَعِدَّةٍ وإِمَامٍ يَجمَعُ لَهُمُ السِّلاحَ

1.يُغلّس بها : أي يصلّى بالغلس ـ وهو بالتحريك ـ : ظلمة آخر الليل .


مكاتيب الأئمّة ج6
186

نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَـذِبِينَ » 1 وَلَو قَالَ : عَلَيكُم لَم يُجِيبُوا إِلَى المُباهَلَةِ ، وَقَد عَلِمَ اللّهُ أَنَّ نَبِيَّهُ يُؤَدِّي عَنهُ رِسَالاتِهِ وَمَا هُوَ مِنَ الكَاذِبيِنَ ، فَكَذَلِكَ عَرَفَ النَّبِيُّ أَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا يَقُولُ وَلَكِن أَحَبَّ أَن يُنصِفَ مِن نَفسِهِ .
وَأَمَّا قَولُهُ : «وَ لَوْ أَنَّمَا فِى الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَـمٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَـتُ اللَّهِ» 2 ، فَهُوَ كَذَلِكَ ، لَو أَنَّ أَشجَارَ الدُّنيَا أَقلامٌ وَالبَحرُ يَمُدُّهُ سَبعَةُ أَبحُرٍ وَانفَجَرَتِ الأَرضُ عُيُونا لَنَفِدَت قَبلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ اللّهِ وَهِيَ عَينُ الكِبرِيتِ وَعَينُ النَمرِ وَعَينُ البَرَهُوتِ وَعَينُ طَبرِيَّةِ وَحَمَّةُ 3 مَا سَبذانَ وَحَمَّةُ إِفرِيقيَّةَ يُدعَى لَسنَانَ وَعَينُ بَحَرَونَ ، وَنَحنُ كَلِمَاتُ اللّهِ الَّتِي لا تَنفَدُ وَلا تُدرَكُ فَضَائِلُنَا .
وَأَمَّا الجَنَّةُ فَإنَّ فِيهَا مِنَ المَآكِلِ وَالمَشَارِبِ وَالمَلاهِي مَا تَشتَهِي الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعيُنُ وَأَبَاحَ اللّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِادَمَ عليه السلام . وَالشَّجَرَةَُ الَّتِي نَهَى اللّهُ عَنهَا آدَمَ عليه السلام وَزَوجَتَهُ أَن يَأكُلا مِنهَا شَجَرَةُ الحَسَدِ ، عَهِدَ إِلَيهِمَا أَن لا يَنظُرَا إِلَى مَن فَضَّلَ اللّهُ عَلَى خَلائِقِهِ بِعَينِ الحَسَدِ فَنَسِيَ وَنَظَرَ بِعَينِ الحَسَدِ وَلَم يَجِد لَهُ عَزمَا .
وَأَمَّا قَولُهُ : «أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَ إِنَـثًا» 4 ، أَي يُولَدُ لَهُ ذُكُورٌ وَيُولَدُ لَهُ إِنَاثٌ ، يُقَالُ لِكُلِّ اثنَينِ مُقرَنَينَ زَوجَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا زَوجٌ ، وَمَعَاذَ اللّهِ أَن يَكُونَ عَنَى الجَلِيلُ مَا لَبَّستَ بِهِ عَلَى نَفسِكَ تَطلُبُ الرُّخصَ لِارتِكَابِ المَآثِمِ « ومَن يَفْعَلْ ذَ لِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَـعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا » 5 إِن لَم يَتُب .

1.لقمان :۲۷ .

2.الشورى :۵۰ .

3.آل عمران :۶۱ .

4.الحمّة ـ بالفتح فالتشديد ـ : العين الحارّة الّتي يستشفي بها الأعلّاء والمرضى ، وأراد بها وبالعين هاهنا كلّ ماء له منبع ولا ينقص منه شيء ، كالبحار وليس منحصراً فيها ، فكان ذكرها على سبيل التمثيل ، ولأنّها معهودة عند السائل .

5.الفرقان : ۶۸ و ۶۹ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج6
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 127856
الصفحه من 453
طباعه  ارسل الي