انزَحَرَ [انزَجَرَ] عَن ثَانِيَةٍ بِأُولَى ، لَكِنَّهُ تَمَادَى فِي غَيِّهِ ، وَتَتَابَعَ فِي ظُلمِهِ ، وَلَجَّ فِي عُدوَانِهِ ، وَاستَشرَى [استَثرَى] فِي طُغيَانِهِ ، جُرأَةً عَلَيكَ يَا سَيِّدِي وَمَولايَ ، وَتَعَرُّضاً لِسَخَطِكَ الَّذِي لا تَرُدُّهُ عَنِ الظَّالِمِينَ ، وَقِلَّةَ اكتِرَاثٍ بِبَأسِكَ الَّذِي لا تَحبِسُهُ عَنِ البَاغِينَ فَهَأَنَذَا يَا سَيِّدِي مُستَضعَفٌ فِي يَدِهِ ، مُستَضَامٌ تَحتَ سُلطَانِهِ ، مُستَذِلٌّ بِفِنَائِهِ مَغصُوبٌ مَغلُوبٌ مَبغِيٌّ عَلَيَّ ، مَرعُوبٌ وَجِلٌ خَائِفٌ مُرَوَّعٌ مَقهُورٌ ، قَد قَلَّ صَبرِي وَضَاعَت حِيلَتِي ، وَانغَلَقَت عَلَيَّ المَذَاهِبُ إلّا إِلَيكَ ، وَانسَدَّت عَنِّي الجِهَاتُ إلّا جِهَتُكَ ، وَالتَبَسَت عَلَيَّ أُمُورِي فِي دَفعِ مَكرُوهِهِ عَنِّي ، وَاشتَبَهَت عَلَيَّ الآرَاءُ فِي إِزَالَةِ ظُلمِهِ ، وَخَذَلَنِي مَنِ استَنصَرتُهُ مِن خَلقِكَ ، وَأَسلَمَنِي مَن تَعَلَّقتُ بِهِ مِن عِبَادِكَ ، فَاستَشَرتُ نَصِيحِي فَأَشَارَ عَلَيَّ بِالرَّغبَةِ إِلَيكَ ، وَاستَرشَدتُ دَلِيلِي فَلَم يَدُلَّنِي إلّا إلَيكَ ، فَرَجَعتُ إِلَيكَ يَا مَولايَ صَاغِراً رَاغِماً مُستَكِيناً ، عَالِماً أَنَّهُ لا فَرَجَ لِي إلّا عِندَكَ ، وَلا خَلاصَ لِي إلّا بِكَ ، أَنتَجِزُ وَعدَكَ فِي نُصرَتِي وَإِجَابَةِ دُعَائِي ؛ لأَنَّ قَولَكَ الحَقُّ الَّذِي لا يُرَدُّ وَلا يُبَدَّلُ ، وَقَد قُلتَ تَبَارَكتَ وَتَعَالَيتَ وَمَن بُغِيَ عَلَيهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللّهُ ، وَقُلتَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَتَقَدَّسَت أَسمَاؤُكَ : «ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ»۱ ، فَهَأَنَذَا فَاعِلٌ مَا أَمَرتَنِي بِهِ لا مَنّاً عَلَيكَ ، وَكَيفَ أَمُنُّ بِهِ وَأَنتَ عَلَيهِ دَلَلتَنِي ؟ فَصَلِّ على محمَّدٍ وَآلِ محَمَّدٍ وَاستَجِب لِي كَمَا وَعَدتَنِي ، يَا مَن لا يُخلِفُ المِيعَادَ .
وَإِنِّي لأَعلَمُ يَا سَيِّدِي أَنَّ لَكَ يَوماً تَنتَقِمُ فِيهِ مِنَ الظَّالِمِ لِلمَظلُومِ ، وَأَتَيَقَّنُ أَنَّ لَكَ وَقتاً تَأخُذُ فِيهِ مِنَ الغَاصِبِ لِلمَغصُوبِ لأَنَّك لا يَسبِقُكَ مُعَانِدٌ وَلا يَخرُجُ مِن قَبضَتِكَ مُنَابِذٌ وَلا تَخَافُ فَوتَ فَائِتٍ ، وَلَكِنَّ جَزَعِي وَهَلَعِي لا يَبلُغَانِ الصَّبرَ عَلى أَنَاتِكَ وَانتِظَارَ حِلمِكَ ، فَقُدرَتُكَ يَا سَيِّدِي فَوقَ كُلِّ قُدرَةٍ وَسُلطَانُكَ غَالِبٌ كُلَّ