381
مكاتيب الأئمّة ج6

الأُمَّةِ ، وَاشفِ بِزَوَالِ أَمرِهِ القُلُوبَ الوَجِلَةَ وَالأَفئِدَةَ اللَّهِفَةَ وَالأُمَّةَ المُتَحَيِّرَةَ وَالبَرِّيَّةَ الضَّائِعَةَ ، وَأَدِل بِبَوَارِهِ الحُدُودَ المُعَطَّلَةَ وَالسُّنَنَ الدَّاثِرَةَ وَالأَحكَامَ المُهمَلَةَ وَالمَعَالِمَ المُغَيَّرَةَ وَالآيَاتِ المُحَرَّفَةَ وَالمَدَارِسَ المَهجُورَةَ وَالمَحَارِيبَ المَجفُوَّةَ وَالمَشَاهِدَ المَهدُومَةَ ، وَأَشبِع بِهِ الخِمَاصَ السَّاغِبَةَ ، وَاروِ بِهِ اللَّهَوَاتِ اللاّغِبَةَ وَالأَكبَادَ الطَّامِعَةَ [الظَّامِئَةَ] ، وَأَرِح بِهِ الأَقدَامَ المُتعَبَةَ ، وَاطرُقهُ بِلَيلَةٍ لا أُختَ لَهَا ، وَبِسَاعَةٍ لا مَثوَى فِيهَا ، وَبِنَكبَةٍ لا انتِعَاشَ مَعَهَا ، وَبِعَثرَةٍ لا إِقَالَةَ مِنهَا .
وَأَبِح حَرِيمَهُ ، وَنَغِّص نَعِيمَهُ ، وَأَرِهِ بَطشَتَكَ الكُبرَى وَنَقِمَتَكَ المُثلَى وَقُدرَتَكَ الَّتِي فَوقَ قُدرَتِهِ وَسُلطَانَكَ الَّذِي هُوَ أَعَزُّ مِن سُلطَانِهِ ، وَاغلِبهُ لِي بِقُوَّتِكَ القَوِيَّةِ وَمِحَالِكَ ۱ الشَّدِيدِ ، وَامنَعنِي مِنهُ بِمَنعِكَ الَّذِي كُلُّ خَلقٍ فِيهِ ذَلِيلٌ ، وَابتَلِهِ بِفَقرٍ لا تَجبُرُهُ وَبِسُوءٍ لا تَستُرُهُ ، وَكِلهُ إِلَى نَفسِهِ فِيمَا يُرِيدُ ، إِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تُرِيدُ ، وَأَبرِأهُ مِن حَولِكَ وَقُوَّتِكَ وَكِلهُ إِلَى حَولِهِ وَقُوَّتِهِ ، وَأَزِل مَكرَهُ بِمَكرِكَ ، وَادفَع مَشِيئَتَهُ بِمَشِيئَتِكَ ، وَأَسقِم جَسَدَهُ ، وَأَيتِم وُلدَهُ ، وَاقضِ [انقُص] أَجَلَهُ ، وَخَيِّب أَمَلَهُ ، وَأَدِل دَولَتَهُ ، وَأَطِل عَولَتَهُ ، وَاجعَل شُغُلَهُ فِي بَدَنِهِ ، وَلا تَفُكَّهُ مِن حُزنِهِ ، وَصَيِّر كَيدَهُ فِي ضَلالٍ ، وَأَمرَهُ إِلَى زَوَالٍ ، وَنِعمَتَهُ إِلَى انتِقَالٍ ، وَجِدَّهُ فِي سَفَالٍ ، وَسُلطَانَهُ فِي اضمِحلالٍ ، وَعَاقِبَتَهُ إِلَى شَرِّ مَآلٍ ، وَأَمِتهُ بِغَيظِهِ إِن أَمَتَّهُ ، وَأَبقِهِ بِحَسرَتِهِ إِن أَبقَيتَهُ ، وَقِنِي شَرَّهُ وَهَمزَهُ وَلَمزَهُ وَسَطوَتَهُ وَعَدَاوَتَهُ ، وَالمَحهُ لَمحَةً تُدَمِّرُ بِهَا عَلَيهِ ، فَإِنَّكَ أَشَدُّ بَأساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً .

1.. المحل : الشدّة ، المِحال : الكيد ، وقيل : المكر ، والمحال من اللّه : العقاب ( لسان العرب : ج ۱۱ ص ۶۱۹ ) .


مكاتيب الأئمّة ج6
380

سُلطَانٍ ، وَمَعَادُ كُلِّ أَحَدٍ [أَمَدٍ] إِلَيكَ وَإِن أَمهَلتَهُ ، وَرُجُوعُ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَيكَ وَإِن أَنظَرتَهُ .
وَقَد أَضَرَّنِي يَا سَيِّدِي حِلمُكَ عَن فُلانٍ وَطُولُ أَنَاتِكَ لَهُ وَإِمهَالُكَ إِيَّاهُ ، فَكَادَ القُنُوطُ يَستَولِي عَلَيَّ لَولا الثِّقَةُ بِكَ وَاليَقِينُ بِوَعدِكَ ، وَإِن كَانَ فِي قَضَائِكَ النَّافِذِ وَقُدرَتِكَ المَاضِيَةِ أَنَّهُ يُنِيبُ أَو يَتُوبُ أَو يَرجِعُ عَن ظُلمِي وَيَكُفُّ عَن مَكرُوهِي وَيَنتَقِلُ عَن عَظِيمِ مَا رَكِبَ مِنِّي ، فَصَلِّ اللّهُمَّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَوقِع ذَلِكَ فِي قَلبِهِ السَّاعَةَ السَّاعَةَ ، قَبلَ إِزَالَةِ نِعمَتِكَ الَّتِي أَنعَمتَ بِهَا عَلَيَّ وَتَكدِيرِ مَعرُوفِكَ الَّذِي صَنَعتَهُ عِندِي ، وَإِن كَانَ عِلمُكَ بِهِ غَيرَ ذَلِكَ مِن مُقَامِهِ عَلى ظُلمِي ، فَإِنِّي أَسأَلُكَ يَا نَاصِرَ المَظلُومِينَ المَبغِيِّ عَلَيهِم إِجَابَةَ دَعوَتِي ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَخُذهُ مِن مَأمَنِهِ [مَنامِه] أَخذَ عَزِيزٍ مُقتَدِرٍ ، وَأَفجِأهُ فِي غَفلَتِهِ مُفَاجَأَةَ مَلِيكٍ مُنتَصِرٍ ، وَاسلُبهُ نِعمَتَهُ وَسُلطَانَهُ ، وَافضُض عَنهُ جُمُوعَهُ وَأَعوَانَهُ ، وَمَزِّق مُلكَهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ ، وَفَرِّق أَنصَارَهُ كُلَّ مُفَرَّقٍ ، وَأَعِرهُ مِن نِعمَتِكَ الَّتِي لا يُقَابِلُهَا بِالشُّكرِ ، وَانزِع عَنهُ سِربَالَ عِزِّكَ الَّذِي لَم يُجَازِهِ بِإِحسَانٍ ، وَاقصِمهُ يَا قَاصِمَ الجَبَابِرَةِ ، وَأَهلِكهُ يَا مُهلِكَ القُرُونِ الخَالِيَةِ ، وَأَبِرهُ يَا مُبِيرَ الأُمَمِ الظَّالِمَةِ ، وَاخذُلهُ يَا خَاذِلَ الفِرَقِ البَاغِيَةِ ، وَابتُر عُمُرَهُ ، وَابتَزَّهُ مُلكَهُ ، وَعِفَّ أَثَرَهُ ، وَاقطَع خَبَرَهُ ، وَأَطفِ نَارَهُ ، وَأَظلِم نَهَارَهُ ، وَكَوِّر شَمسَهُ ، وَأَزهِق نَفسَهُ ، وَاهشِم سُوقَهُ ، وَجُبَّ سَنَامَهُ ، وَأَرغِم أَنفَهُ ، وَعَجِّل حَتفَهُ .
وَلا تَدَع لَهُ جُنَّةً إلّا هَتَكتَهَا ، وَلا دِعَامَةً إلّا قَصَمتَهَا ، وَلا كَلِمَةً مُجتَمِعَةً إلّا فَرَّقتَهَا ، وَلا قَائِمَةَ عُلُوٍّ إلّا وَضَعتَهَا ، وَلا رُكناً إلّا وَهَنتَهُ ، وَلا سَبَباً إلّا قَطَعتَهُ ، وَأَرِنَا أَنصَارَهُ عَبَادِيدَ ۱ بَعدَ الأُلفَةِ ، وَشَتَّى بَعدَ اجتِمَاعِ الكَلِمَةِ ، وَمُقنِعِي الرُّؤُوسِ بَعدَ الظُّهُورِ عَلى

1.. العباديد : الفرق من الناس الذاهبون في كلّ وجه ، وكذلك العبابيد بالباء الموحّدة ( مجمع البحرين : ج۳ ص۱۰۹ ) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج6
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 114348
الصفحه من 453
طباعه  ارسل الي