393
مكاتيب الأئمّة ج6

وَاغضَب لِمَن لا تِرَةَ ۱ لَهُ وَلا طَائِلَةَ ، وَعَادَى الأَقرَبِينَ وَالأَبعَدِينَ فِيكَ ، مَنّاً مِنكَ عَلَيهِ لا مَنّاً مِنهُ عَلَيكَ .
اللّهُمَّ فَكَمَا نَصَبَ نَفسَهُ غَرَضاً فِيكَ لِلأَبعَدِينَ ، وَجَادَ بِبَذلِ مُهجَتِهِ لَكَ فِي الذَّبِّ عَن حَرِيمِ المُؤمِنِينَ ، وَرَدَّ شَرَّ بُغَاةِ المُرتَدِّينَ المُرِيبِينَ ، حَتَّى أُخفِيَ مَا كَانَ جُهِرَ بِهِ مِنَ المَعَاصِي ، وَأبدا [أُبدِيَ] مَا كَانَ نَبَذَهُ العُلَمَاءُ وَرَاءَ ظُهُورِهِم مِمَّا أَخَذتَ مِيثَاقَهُم عَلى أَن يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَلا يَكتُمُوهُ ، وَدَعَا إِلَى إِفرَادِكَ بِالطَّاعَةِ ، وَأَلاّ يَجعَلَ لَكَ شَرِيكاً مِن خَلقِكَ يَعلُو أَمرُهُ عَلى أَمرِكَ مَعَ مَا يَتَجَرَّعُهُ فِيكَ مِن مَرَارَاتِ الغَيظِ الجَارِحَةِ بِحَوَاسِّ [ بمواسى ] القُلُوبِ وَمَا يَعتَوِرُهُ مِنَ الغُمُومِ ، وَيَفرُغُ عَلَيهِ مِن أَحدَاثِ الخُطُوبِ ، وَيَشرَقُ بِهِ مِنَ الغُصَصِ الَّتِي لا تَبتَلِعُهَا الحُلُوقُ وَلا تَحنُو عَلَيهَا الضُّلُوعُ مِن نَظرَةٍ إِلَى أَمرٍ مِن أَمرِكَ ، وَلا تَنَالُهُ يَدُهُ بِتَغيِيرِهِ وَرَدِّهِ إِلَى مَحَبَّتِكَ ، فَاشدُدِ اللّهُمَّ أَزرَهُ بِنَصرِكَ وَأَطِل بَاعَهُ فِيمَا قَصُرَ عَنهُ مِن إِطرَادِ الرَّاتِعِينَ في حِمَاكَ ، وَزِدهُ فِي قُوَّتِهِ بَسطَةً مِن تَأيِيدِكَ ، وَلا تُوحِشنَا مِن أُنسِهِ ، وَلا تَختَرِمهُ دُونَ أَمَلِهِ مِنَ الصَّلاحِ الفَاشِي فِي أَهلِ مِلَّتِهِ وَالعَدلِ الظَّاهِرِ فِي أُمَّتِهِ .
اللّهُمَّ وَشَرِّف بِمَا استَقبَلَ بِهِ مِنَ القِيَامِ بِأَمرِكَ لَدَى مَوقِفِ الحِسَابِ مُقَامَهُ ، وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَوَاتُكَ عَلَيهِ وَآلِهِ بِرُؤيَتِهِ وَمَن تَبِعَهُ عَلى دَعوَتِهِ ، وَأَجزِل لَهُ عَلى مَا رَأَيتَهُ قَائِماً بِهِ مِن أَمرِكَ ثَوَابَهُ ، وَابنِ قُربَ دُنُوِّهِ مِنكَ فِي حَيَاتِهِ ، وَارحَمِ استِكَانَتَنَا مِن بَعدِهِ وَاستِخذَاءَنَا لِمَن كُنَّا نَقمَعُهُ بِهِ ، إِذ أَفقَدتَنَا وَجهَهُ وَبَسَطتَ أَيدِيَ مَن كُنَّا نَبسُطُ أَيدِيَنَا عَلَيهِ لِنَرُدَّهُ عَن مَعصِيَتِهِ ، وَافتَراقَنا [ افتَرَقنَا ] بَعدَ الأُلفَةِ وَالاجتِمَاعِ تَحتَ ظِلِّ كَنَفِهِ ، وَتَلَهَّفنَا عِندَ الفَوتِ عَلى مَا أَقعَدتَنَا عَنهُ مِن نُصرَتِهِ وَطَلَبنَا مِنَ القِيَامِ بِحَقِّ مَا لا

1.. الترة : النقص ( النهاية : ج ۱ ص ۱۸۹ ) .


مكاتيب الأئمّة ج6
392

حَاسِدِي النِّعَمِ وَالمُتَرَبِّصِينَ بِنَا حُلُولَ النَّدَمِ وَنُزُولَ المُثَلِ ، فَقَد تَرَى يَا رَبِّ بَرَاءَةَ سَاحَتِنَا وَخُلُوَّ ذَرعِنَا مِنَ الإِضمَارِ لَهُم عَلى إِحنَةٍ ، وَالتَّمَنِّي لَهُم وُقُوعَ جَائِحَةٍ ۱ وَمَا تَنَازَلَ مِن تَحصِينِهِم بِالعَافِيَةِ وَمَا أَضبَؤُوا ۲ [أَضَبُّوا] لَنَا مِنِ انتِهَازِ الفُرصَةِ وَطَلَبِ الوُثُوبِ بِنَا عِندَ الغَفلَةِ .
اللّهُمَّ وَقَد عَرَّفتَنَا مِن أَنفُسِنَا وَبَصَّرتَنَا مِن عُيُوبِنَا خِلالاً نَخشَى أَن تَقعُدَ بِنَا عَنِ اشتِهارِ : [استِيهَالِ] إِجَابَتِكَ ، وَأَنتَ المُتَفَضِّلُ عَلى غَيرِ المُستَحِقِّينَ ، وَالمُبتَدِئُ بِالإِحسَانِ غَيرَ السَّائِلِينَ ، فَآتِ لَنَا مِن أَمرِنَا عَلى حَسَبِ كَرَمِكَ وَجُودِكَ وَفَضلِكَ وَامتِنَانِكَ ، إِنَّكَ تَفعَلُ مَا تَشَاءُ ، وَتَحكُمُ مَا تُرِيدُ ، إِنَّا إِلَيكَ رَاغِبُونَ وَمِن جَمِيعِ ذُنُوبِنَا تَائِبُونَ .
اللّهُمَّ وَالدَّاعِي إِلَيكَ وَالقَائِمُ بِالقِسطِ مِن عِبَادِكَ ، الفَقِيرُ إِلَى رَحمَتِكَ ، المُحتَاجُ إِلَى مَعُونَتِكَ عَلى طَاعَتِكَ إِذِ ابتَدَأتَهُ بِنِعمَتِكَ وَأَلبَستَهُ أَثوَابَ كَرَامَتِكَ ، وَأَلقَيتَ عَلَيهِ مَحَبَّةَ طَاعَتِكَ وَثَبَّتَّ وَطأَتَهُ فِي القُلُوبِ مِن مَحَبَّتِكَ ، وَوَفَّقتَهُ لِلقِيَامِ بِمَا أَغمَضَ فِيهِ أَهلُ زَمَانِهِ مِن أَمرِكَ ، وَجَعَلتَهُ مَفزَعاً لِمَظلُومِ عِبَادِكَ وَنَاصِراً لِمَن لا يَجِدُ [لَهُ] نَاصِراً غَيرَكَ ، وَمُجَدِّداً لِمَا عُطِّلَ مِن أَحكَامِ كِتَابِكَ ، وَمُشَيِّداً لِمَا رُدَّ [دثر] مِن أَعلامِ دِينكَ وَسُنَنِ نَبِيِّكَ عَلَيهِ وَآلِهِ سَلامُكَ وَصَلَوَاتُكَ وَرَحمَتُكَ وَبَرَكَاتُكَ ، فَاجعَلهُ اللّهُمَّ فِي حَصَانَةٍ مِن بَأسِ المُعتَدِينَ ، وَأَشرِق بِهِ القُلُوبَ المُختَلِفَةَ مِن بُغَاةِ الدِّينِ ، وَبَلِّغ بِهِ أَفضَلَ مَا بَلَّغتَ بِهِ القَائِمِينَ بِقِسطِكَ مِن أَتبَاعِ النَّبِيِّينَ .
اللّهُمَّ وَأَذلِل بِهِ مَن لَم تُسهِم لَهُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَحَبَّتِكَ وَمَن نَصَبَ لَهُ العَدَاوَةَ ، وَارمِ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ مَن أَرَادَ التَّألِيبَ عَلى دِينِكَ بِإِذلالِهِ وَتَشتِيتِ أمرِه [جَمعِهِ] ،

1.. جائحة : المصيبة تحلّ بالرجل في ماله فتجتاحه كلّه ( لسان العرب : ج ۲ ص ۴۳۱ ) .

2.. الأضباء : وعوعة جرو الكلب إذا وحوح ( تاج العروس : ج ۱ ص ۱۹۶ ) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج6
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 114351
الصفحه من 453
طباعه  ارسل الي