49
مكاتيب الأئمّة ج6

البغداديّ ، قال : حدّثنا أحمد بن طاهر القمّي ، قال : حدّثنا أبو الحسين محمّد بن بحر الشيبانيّ ، قال : وردتُ كربلاء سنة ستّ وثمانين ومئتين ، قال : وزرتُ قبر غريب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ثمّ انكفأت إلى مدينة السلام متوجّهاً إلى مقابر قريش في وقتٍ قد تضرّمت الهواجر وتوقّدت السمائم ، فلمّا وصلت منها إلى مشهد الكاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة المحفوفة بحدائق الغفران ، أكببت عليها بعبرات متقاطرة ، وزفرات متتابعة ، وقد حجب الدمع طَرفِي عن النظر ، فلمّا رَقَأت العبرةُ وانقطع النحيب ، فتحتُ بصري فإذا أنا بشيخٍ قد انحنى صلبه ، وتقوّس منكباه ، وثفنت جبهته وراحتاه ، وهو يقول لآخرٍ معه عند القبر :
يابن أخي ، لقد نال عمّك شرفاً بما حمّله السيّدان من غوامض الغيوب ، وشرائف العلوم الّتي لم يحمل مثلها إلّا سلمان ، وقد أشرف عمّك على استكمال المدّة وانقضاء العمر ، وليس يجد في أهل الولاية رجلاً يفضي إليه بسرّه .
قلت : يا نفس ، لا يزال العناء والمشقّة ينالان منكِ بإتعابي الخفّ والحافر ۱ في طلب العلم ، وقد قرع سمعي مِن هذا الشيخ لفظ يدلُّ على عِلمٍ جسيم وأثرٍ عظيم .
فقلت : أيّها الشيخ ، ومن السيّدان ؟
قال : النجمان المغيّبان في الثرى بسُرَّ مَن رَأى .
فقلت : إنّي اُقسم بالموالاة وشرف محلِّ هذين السيّدين من الإمامة والوراثة إنّي خاطبٌ علمهما ، وطالبٌ آثارهما ، وباذلٌ من نفسي الأيمان المؤكّدة على حفظ أسرارهما .
قال : إن كنت صادقاً فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نَقَلَةِ أخبارهم .
فلمّا فتّش الكتب وتصفّح الروايات منها ، قال : صدقت ، أنا بِشرُ بن سليمان النخّاس ، من ولد أبي أيّوب الأنصاريّ أحد موالي أبي الحسن وأبي محمّد عليهماالسلام ، وجارُهُما بسُرّ مَن رَأى .
قلت : فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما .

1.كناية عن البعير والفرس .


مكاتيب الأئمّة ج6
48

قال : وكان أبو محمّد أكبر من أبي جعفر . ۱

19

كتابه عليه السلام إلى شاهَوَيه بن عبد اللّه الجلّاب

في الإشارة و النصّ على إمامة أبي محمّد عليه السلام

۰.عليّ بن محمّد عن إسحاق بن محمّد ، عن شاهويه بن عبد اللّه الجلّاب۲، قال : كتب إليَّ أبو الحسن في كتابٍ :أَرَدتَ أَن تَسألَ عَنِ الخَلَفِ بَعدَ أَبِي جَعفَرٍ وَقَلِقتَ ۳ لِذَلِكَ ، فَلا تَغتَمَّ ؛ فَإِنَّ اللّهَ عز و جللا يُضِلُّ « قَوْمَاً بَعْدَ إِذْ هَدَهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ»۴ ، وَصَاحِبُكَ بَعدِي أَبُو مُحَمَّدٍابنِي ، وَعِندَهُ مَا تَحتَاجُونَ إِلَيهِ ، يُقَدِّمُ مَا يَشَاءُ اللّهُ وَيُؤخِّرُ مَا يَشَاءُ اللّهُ «مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ»۵ ، قَد كَتَبتُ بِمَا فِيهِ بَيَانٌ وَقِنَاعٌ لِذِي عَقلٍ يَقظَانَ . ۶

20

كتابه عليه السلام إلى نرجس اُمّ المهديّ عليه السلام

فيما رُوي في نرجس اُمّ القائم ، واسمها مليكة بنت يشوعا بن قيصر الملك

0.محمّد بن عليّ بن حاتم النوفليّ قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشّاء

1.الكافي :ج ۱ ص ۳۲۶ ح۷ ، الإرشاد : ج ۲ ص ۳۱۶ ، إعلام الورى : ص ۳۶۸ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۴۰۵ ، و فيهم : «أكبر» بدل «كبير» ، بحار الأنوار : ج ۵۰ ص ۲۴۴ ح ۱۶.

2.شاهَويه بن عبد اللّه الجلّاب : من أصحاب الهادي والعسكريّ عليهماالسلام (راجع : رجال الطوسي : ص ۳۸۷ الرقم ۵۷۰۲ و ص ۳۹۹ الرقم ۵۸۵۵) .

3.قلقت كنصرت : أي اضطربت لذلك .

4.التوبة :۱۱۵ .

5.البقرة :۱۰۶ .

6.الكافي :ج ۱ ص ۳۲۸ ح ۱۲ ، الغيبة للطوسي : ص ۲۰۰ ، الإرشاد : ج ۲ ص ۳۱۹ ، إعلام الورى : ص ۳۶۹ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۴۰۶ ، بحار الأنوار : ج ۵۰ ص ۲۴۲ ح ۱۰.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج6
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 114203
الصفحه من 453
طباعه  ارسل الي