189
مكاتيب الأئمة ج5

من الفلاسفة و المتطبّبين ، مثل يوحنّا بن ماسويه ۱ و جبرائيل بن بختيشوع ۲ و صالح بن بهلمة الهنديّ ۳ و غيرهم من منتحلي العلوم و ذوي البحث و النّظر . فجرى ذكر الطّبّ و ما فيه صلاح الأجسام و قوامها ، فأغرق المأمون و من كان بحضرته في الكلام و تغلغلوا في علم ذلك و كيف ركّب اللّه تعالى هذا الجسد و جمع فيه هذه الأشياء المتضادّة من الطّبائع الأربع ، و مضارّ الأغذية و منافعها و ما يلحق الأجسام من مضارّها من العلل .
قال : و أبو الحسن عليه السلام ساكت لا يتكلّم في شيءٍ من ذلك ، فقال له المأمون : ما تقول يا أبا الحسن في هذا الأمر الّذي نحن فيه منذ اليوم ؟ فقد كبر عليَّ ، و هو الّذي لا بدّ منه ، و معرفة هذه الأغذية النّافع منها و الضّارّ و تدبير الجسد .
فقال له أبو الحسن عليه السلام : عندي من ذلك ماجرّبته وعرفت صحّته بالاختبار ومرور الأيّام ، مع ما وقّفني عليه من مضى من السّلف ممّا لا يسع الإنسان جهله ولا يعذر في تركه ، و أنا أجمع ذلك لأمير المؤمنين ۴ مع ما يقاربه ممّا يحتاج إلى معرفته .

1.هو أبو زكريا يوحنّا بن ماسويه ، مسيحيّ المذهب سرياني ، قلّده الرّشيد ترجمة الكتب القديمة الطّبية ممّا وجد بأنقرة و عمورية و بلاد الرّوم حين سباها المسلمون ، و وضعه أمينا على التّرجمة . وخدم هارون الرّشيد و الأمين و المأمون ، و بقي على ذلك إلى أيّام المتوكّل ، و كان معظّما ببغداد جليل القدر ، و جعله المأمون في سنة ۲۱۵ ه رئيسا لبيت الحكمة ( راجع : الفهرست لابن النديم : ص۲۹۵ ، طبقات الأطبّاء لابن جلجل : ص۶۵ ) .

2.جبرائيل بن بختيشوع بن جورجيس بن بختيشوع الجنديسابوري ، كان طبيبا حاذقا ، و كان طبيب الرّشيد وجليسه وخليله ، و يقال : إنّ منزلته ما زالت تقوى عند الرّشيد حتّى قال لأصحابه : من كانت له حاجة إليّ فليخاطب بها جبرائيل ، فإنّي أفعل كلّ ما يسألني في كلّ أُمورهم . و لمّا توفّى الرّشيد خدم الأمين و المأمون إلى أن توفّي ، و دفن في دير مارجرجس بالمدائن سنة ۲۱۳ هجري ( راجع : طبقات الأطبّاء : ص۶۴ ، أخبار العلماء للقفطي : ص۹۳ ) .

3.هو من علماء الهند ، كان خبيرا بالمعالجات الّتي لهم ، و له قوّة و إنذارات في تقدّمة المعرفة ، كان بالعراق في أيّام الرّشيد ، وله نادرة مع الرّشيد في شفاء ابن عمّه إبراهيم بن صالح بعد أن غُسّل وحُنّط وكفّن ( راجع : طبقات الأطباء : ج۳ ص۵۲ ) .

4.ليس في بعض النسخ : «لأمير المؤمنين».


مكاتيب الأئمة ج5
188

حدّثنا محمّد بن همّام بن سهيل ۱ رحمة اللّه عليه ، قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن جمهور ۲ ، قال : حدّثني أبي ، وكان عالما بأبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا صلوات اللّه عليهما خاصّا به ملازما لخدمته ، و كان معه حين حُمل من المدينة إلى المأمون إلى خراسان ، و استشهد عليه السلام بطوس و هو ابن تسع و أربعين سنة .
قال : كان المأمون بنيسابور و في مجلسه سيّدي أبو الحسن الرّضا عليه السلام و جماعة

1.محمّد بن أبي بكر همام بن سهيل الكاتب الإسكافي ، له منزلة عظيمة ، كثير الحديث. قال أبو محمّد هارون بن موسى رحمه الله : حدّثنا محمّد بن همام ، قال : حدّثنا أحمد بن مابنداذ ، قال : أسلم أبي أوّل من أسلم من أهله و خرج عن دين المجوسيّة و هداه اللّه إلى الحقّ ، فكان يدعو أخاه سهيلاً إلى مذهبه فيقول له : يا أخي اعلم أنّك لا تألوني نصحا و لكنّ النّاس مختلفون ، فكلٌّ يدّعي أنّ الحقّ فيه و لست أختار أن أدخل في شيء إلّا على يقين . فمضت لذلك مدّة و حجّ سهيل ، فلمّا صدر من الحجّ قال لأخيه : الّذي كنت تدعوني إليه هو الحقّ . قال : و كيف علمت ذاك ؟ قال : لقيت في حجّي عبد الرّزاق بن همام الصّنعانيّ و ما رأيت أحدا مثله ، فقلت له على خلوة : نحن قوم من أولاد الأعاجم و عهدنا بالدّخول في الإسلام قريب ، و أرى أهله مختلفين في مذاهبهم ، و قد جعلك اللّه من العلم بما لا نظير لك فيه في عصرك و لا مثل ، و أريد أن أجعلك حجّة فيما بيني و بين اللّه عز و جل ، فإن رأيت أن تبيّن لي ما ترضاه لنفسك من الدّين لأتّبعك فيه و أُقلّدك . فأظهر لي محبّة آل رسول اللّه صلى الله عليه و آله وتعظيمهم و البراءة من عدوّهم و القول بإمامتهم . قال أبو عليّ : أخذ أبي هذا المذهب عن أبيه عن عمّه و أخذته عن أبي. قال أبو محمّد هارون بن موسى : قال أبو عليّ محمّد بن همام : قال : كتب أبي إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليه السلام يعرفه أنّه ما صحّ له حمل بولد (يولد) ، و يعرّفه أنّ له حملاً و يسأله أن يدعو اللّه في تصحيحه و سلامته و أن يجعله ذكرا نجيبا من مواليهم. فوقّع على رأس الرّقعة بخطّ يده : قد فعل اللّه ذلك ، فصحّ الحمل ذكرا . محمّد بن همام البغدادي ، يُكنّى أبا عليّ ، و همام يكنّى أبا بكر ، جليل القدر ، ثقة ، روى عنه التّلعكبريّ و سمع منه أوّلاً سنة ثلاث و عشرين و ثلاثمئة و له منه إجازة ، و مات سنة اثنتين و ثلاثين و ثلاثمئة ( راجع : رجال النجاشي : ج۲ ص۳۷۹ الرقم۱۰۳ ، الفهرست للطوسي : ص۴۰۲ الرقم۶۱۳ ، رجال الطوسي : ص۴۳۸ الرقم ۲۷۰ ) .

2.الحسن بن محمّد بن جمهور العَمِّي ، أبو محمّد البصري ، ثقة في نفسه ، يُنسب إلى بني العمّ من تميم . وكان أوثق من أبيه وأصلح ، وأبيه روى عن الرّضا عليه السلام . له كتاب الواحدة ( راجع : رجال النجاشي : ج ۲ ص۲۲ الرقم۱۴۴۶ ) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 119853
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي