من الفلاسفة و المتطبّبين ، مثل يوحنّا بن ماسويه ۱ و جبرائيل بن بختيشوع ۲ و صالح بن بهلمة الهنديّ ۳ و غيرهم من منتحلي العلوم و ذوي البحث و النّظر . فجرى ذكر الطّبّ و ما فيه صلاح الأجسام و قوامها ، فأغرق المأمون و من كان بحضرته في الكلام و تغلغلوا في علم ذلك و كيف ركّب اللّه تعالى هذا الجسد و جمع فيه هذه الأشياء المتضادّة من الطّبائع الأربع ، و مضارّ الأغذية و منافعها و ما يلحق الأجسام من مضارّها من العلل .
قال : و أبو الحسن عليه السلام ساكت لا يتكلّم في شيءٍ من ذلك ، فقال له المأمون : ما تقول يا أبا الحسن في هذا الأمر الّذي نحن فيه منذ اليوم ؟ فقد كبر عليَّ ، و هو الّذي لا بدّ منه ، و معرفة هذه الأغذية النّافع منها و الضّارّ و تدبير الجسد .
فقال له أبو الحسن عليه السلام : عندي من ذلك ماجرّبته وعرفت صحّته بالاختبار ومرور الأيّام ، مع ما وقّفني عليه من مضى من السّلف ممّا لا يسع الإنسان جهله ولا يعذر في تركه ، و أنا أجمع ذلك لأمير المؤمنين ۴ مع ما يقاربه ممّا يحتاج إلى معرفته .
1.هو أبو زكريا يوحنّا بن ماسويه ، مسيحيّ المذهب سرياني ، قلّده الرّشيد ترجمة الكتب القديمة الطّبية ممّا وجد بأنقرة و عمورية و بلاد الرّوم حين سباها المسلمون ، و وضعه أمينا على التّرجمة . وخدم هارون الرّشيد و الأمين و المأمون ، و بقي على ذلك إلى أيّام المتوكّل ، و كان معظّما ببغداد جليل القدر ، و جعله المأمون في سنة ۲۱۵ ه رئيسا لبيت الحكمة ( راجع : الفهرست لابن النديم : ص۲۹۵ ، طبقات الأطبّاء لابن جلجل : ص۶۵ ) .
2.جبرائيل بن بختيشوع بن جورجيس بن بختيشوع الجنديسابوري ، كان طبيبا حاذقا ، و كان طبيب الرّشيد وجليسه وخليله ، و يقال : إنّ منزلته ما زالت تقوى عند الرّشيد حتّى قال لأصحابه : من كانت له حاجة إليّ فليخاطب بها جبرائيل ، فإنّي أفعل كلّ ما يسألني في كلّ أُمورهم . و لمّا توفّى الرّشيد خدم الأمين و المأمون إلى أن توفّي ، و دفن في دير مارجرجس بالمدائن سنة ۲۱۳ هجري ( راجع : طبقات الأطبّاء : ص۶۴ ، أخبار العلماء للقفطي : ص۹۳ ) .
3.هو من علماء الهند ، كان خبيرا بالمعالجات الّتي لهم ، و له قوّة و إنذارات في تقدّمة المعرفة ، كان بالعراق في أيّام الرّشيد ، وله نادرة مع الرّشيد في شفاء ابن عمّه إبراهيم بن صالح بعد أن غُسّل وحُنّط وكفّن ( راجع : طبقات الأطباء : ج۳ ص۵۲ ) .
4.ليس في بعض النسخ : «لأمير المؤمنين».