279
مكاتيب الأئمة ج5

أَكبرُ عَلى ما هدانا ، اللّهُ أَكبرُ عَلى ما رَزَقَنا مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ ، وَالحَمدُ للّهِ عَلى ما أَبلانا . نرفع بها أصواتنا .
قال ياسر : فتزعزعت مرو بالبكاء والضّجيج والصّياح لمّا نظروا إلى أبي الحسن عليه السلام ، وسقط القوّاد عن دوابّهم ورموا بخفافهم لمّا رأوا أبا الحسن عليه السلام حافيا ، وكان يمشي ويقف في كلّ عشر خطوات ويكبّر ثلاث مرّات .
قال ياسر : فتخيّل إلينا أنّ السّماء والأرض والجبال تجاوبه ، وصارت مرو ضجّة واحدة من البكاء ، وبلغ المأمون ذلك. فقال له الفضل بن سهل ذو الرّياستين : يا أمير المؤمنين ، إن بلغ الرّضا المصلّى على هذا السّبيل افتتن به النّاس ، والرّأي أن تسأله أن يرجع . فبعث إليه المأمون فسأله الرّجوع .
فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفّه فلبسه وركب ورجع . ۱

182

كتابه عليه السلام إلى المأمون

في كشف الغمّة : قال الفقير إلى اللّه تعالى عبد اللّه عليّ بن عيسى ۲ أثابه اللّه : وفي سنة سبعين وستّمئة وصل من مشهده الشّريف عليه السلام أحد قوّامه ومعه العهد الّذي كتبه المأمون بخطّ يده ، وبين سطوره وفي ظهره بخطّ الإمام عليه السلام ما هو مسطور ، فقبّلت مواقع أقلامه ، وسرحت طرفي في رياض كلامه ، وعددت الوقوف عليه من منن اللّه وأنعامه ، ونقلته حرفا فحرفا . وما هو بخطّ المأمون :
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
هذا كتاب كتبه عبد اللّه بن هارون الرّشيد أمير المؤمنين لعليّ بن موسى بن جعفر

1.الكافي : ج۱ ص۴۸۸ ح۷ ، عيون أخبار الرّضا عليه السلام : ج۲ ص۱۴۹ ح۲۱ ، بحار الأنوار : ج۴۹ ص۱۳۳ ح۹ .

2.هو الشيخ بهاء الدين علي بن عيسى الأربلي صاحب كتاب كشف الغمّة .


مكاتيب الأئمة ج5
278

إِنِّي داخِلٌ في وِلايَةِ العَهدِ عَلى أَلّا آمُرَ ، وَلا أَنهى ، وَلا أُفتيَ ، وَلا أَقضيَ ، وَلا أُوَلِّيَ ، وَلا أَعزِلَ ، وَلا أُغَيِّر شَيئا مِمَّا هوَ قائِم ، وَتَعفيَني مِن ذلِكَ كُلِّهِ .
فأجابه المأمون إلى ذلك كلّه .
قال : فحدّثني ياسر ۱ ، قال : فلمّا حضر العيد بعث المأمون إلى الرّضا عليه السلام يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلّي ويخطب .
فبعث إليه الرّضا عليه السلام : قَد عَلِمتَ ما كانَ بَيني وَبَينَكَ مِن الشُّروطِ في دُخولِ هذا الأَمرِ .
فبعث إليه المأمون : إنّما أُريد بذلك أن تطمئنّ قلوب النّاس ويعرفوا فضلك ، فلم يزل عليه السلام يُرادُّه الكلام في ذلك فألحّ عليه . فقال :
يا أَميرَ المُؤمِنينَ ، إِن أَعفَيتَني مِن ذلِكَ فَهوَ أَحَبُّ إِليَّ ، وَإِن لَم تُعفِني خَرَجتُ كَما خَرَجَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَأَميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام .
فقال المأمون : اخرج كيف شئت . وأمر المأمون القوّاد والنّاس أن يبكّروا إلى باب أبي الحسن .
قال:فحدّثني ياسر الخادم أنّه قعد النّاس لأبيالحسن عليه السلام في الطّرقات والسّطوح ، الرّجال والنّساء والصّبيان ، واجتمع القوّاد والجند على باب أبي الحسن عليه السلام ، فلمّا طلعت الشّمس قام عليه السلام فاغتسل وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن ، ألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه وتشمّر ، ثمّ قال لجميع مواليه : افعَلوا مِثلَ ما فَعَلتُ .
ثمّ أخذ بيده عكّازا ، ثمّ خرج ونحن بين يديه وهو حافٍ قد شمّر سراويله إلى نصف السّاق ، وعليه ثيابٌ مشمّرة ، فلمّا مشى ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السّماء وكبّر أربع تكبيرات ، فخُيّل إلينا أن السّماء والحيطان تجاوبه ، والقوّاد والنّاس على الباب قد تهيّؤوا ولبسوا السّلاح وتزيّنوا بأحسن الزّينة ، فلمّا طلعنا عليهم بهذه الصّورة وطلع الرّضا عليه السلام وقف على الباب وقفة ، ثمّ قال : اللّهُ أَكبرُ ، اللّهُ أَكبرُ ، اللّهُ أَكبرُ ، اللّهُ

1.راجع : ص ۲۶۱ الرقم ۱۸۱ الهامش .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 119589
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي