سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ الْحِسَابِ » 1 وقال اللّه عز و جل : « فَوَرَبِّكَ لَنَسْـئلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ » 2 . وبلغنا أنّ عمر بن الخطّاب قال : لو ضاعت سخلة بشاطئ الفرات لتخوّفت أن يسألني اللّه عنها ، وايم اللّه إنّ المسؤول عن خاصّة نفسه الموقوف على عمله فيما بينه وبين اللّه ، ليتعرّض على أمرٍ كبير وعلى خطرٍ عظيم ، فكيف بالمسؤول عن رعاية الأُمّة ، وباللّه الثّقة ، وإليه المفزع ، والرّغبة في التّوفيق والعصمة والتّشديد ، والهداية إلى ما فيه ثبوت الحجّة ، والفوز من اللّه بالرضوان والرّحمة .
وأنظر الاُمّة لنفسه وأنصحهم للّه في دينه وعباده من خلائقه في أرضه ، من عمل بطاعة اللّه وكتابه وسنّة نبيّه صلى الله عليه و آله في مدّة أيّامه وبعدها ، وأجهد رأيه ونظره فيمن يوليه عهده ويختاره لإمامة المسلمين ورعايتهم بعده ، وينصبه علما لهم ، ومفزعا في جميع أُلفتهم ، ولمّ شعثهم ، وحقن دمائهم ، والأمن بإذن اللّه من فرقتهم وفساد ذات بينهم واختلافهم ، ورفع نزع الشّيطان وكيده عنهم ، فإنّ اللّه عز و جل جعل العهد بعد الخلافة من تمام أمر الإسلام وكماله وعزّه وصلاح أهله ، وألهم خلفائه من توكيده لمن يختارونه له من بعدهم ما عظمت به النّعمة وشملت فيه العافية ، ونقض اللّه بذلك مكر أهل الشّقاق والعداوة والسّعي في الفرقة والتّربّص للفتنة .
ولم يزل أمير المؤمنين منذ أفضت إليه الخلافة ، فاختبر بشاعة مذاقها وثقل محملها وشدّة مؤنتها وما يجب على من تقلّدها من ارتباط طاعة اللّه ومراقبته فيما حمّله منها ، فأنصب بدنه ، وأشهر عينه ، وأطال فكره فيما فيه عزّ الدّين ، وقمع المشركين ، وصلاح الاُمّة ، ونشر العدل ، وإقامة الكتاب والسّنة ، و منعه ذلك من الخفض والدّعة ومهنؤ العيش ، علما بما اللّه سائله عنه ، و محبّة أن يلقى اللّه مناصحا